لأننا وحيدين في هذا الظلام الضائع، نعلم أن السكون نار. نهرب من أسرار هروبنا من مواجهتها دمار. اعترافنا بها احتضار. إن كشفت عن حزنك العاري أمامهم، ستبغض حبك أشجار الزيتون، وزهور لوز شاعر بلادك. ستتساقط أوراق أحبتك الصغار، كوعد قطعه لك ذئب مشرد، نقشه على جليد قلبك، وأودعه جحيم الانتظار. انتظار طال كلحن دموع شتاء ساخن.
وعد حملك من أرض إلى جوف اللامكان. من رائحة الخبز الأسمر، ولون الزيت والزعتر، إلى رائحة القتل والشتات.
لأننا غريبين، تماما كهذا العشق الذي يجعل وطنا يسكن قلب. عشق جعل هذا المكان الذي عاشت فيه أرواحنا كل أنواع الحزن، والحرب، جعلته أطهر من أرواح الأطفال. تتداعى دقات قلوبنا، في سبيل أن يبقى هذا الحق لنا، حق غمره الرصاص المسكوب، اغتالته عناقيد الغضب.
لأن الحقيقة مخيفة، لأن النجوم بعيدة، لأننا نحتاج لبعض الأكاذيب، أكاذيب بدونها قد نصاب بالجنون. لتطل عليك شمس محرقة كل صباح، مضطر أنت لتجاهل كل التجارب التي يشهد لها المنطق بالإخفاق المميت.
مضطر أنت أن تتجاهل كل القلوب التي قد دمرت. كل الشموع التي أحرقتك قبل أن تكون قد أحرقت.
تتجاهل كل هذا الغباء المسمى بالمشاعر. تتجاهل يقينك بأن كل الأحاديث الرقيقة التي ينسجها الآخرون، ليغشوا بها عيون الآخرين، ليست سوى محاولات بائسة منهم، آملين أن يكونوا أول من يحطم قائمة الفاشلين، ويكونوا إلى بلاد السعادة المفقودة، أول الواصلين.
من الآن، وفر على نفسك خطوات عبثية:
لا تمنح أحدا قلبك، كي لا ينهشه، إن نسيت وضع نبيذ الخلود، في قهوة الصباح.
لا تضيع وقتك في حلم، سيوقظك منه صراخ من كان مستلقيا في قارب الوهم، وأنت تجدف في بحر من الرمال.
اقتلع مجرى الدمع من قلبك، قبل أن تضطر يوما للبكاء على من ابتعد عنك، مهاجرا، بجواز سفرك!.