رَمَضان هَذا العاَم ,,,الصَوم حُباً

oyooon

عضو جديد
3 يونيو 2011
22
0
0
kwuait
www.3yooonworld.com
فرض الله الصيام على المسلمين مرة واحدة في العام، شهراً كاملاً لحكمة بالغة نزكي فيه أنفسنا، ونستمد منه الزاد لبعد رمضان، لكن.. هل توقف المسلم وسأل نفسه ولو مرة واحدة لماذا نصوم؟

أسباب للصيام

لو أجرينا استطلاعا للرأي حول سبب التزامنا بصيام رمضان لجاءت معظم الإجابات مغلفة بالاستنكار كقول البعض: "وهل يمكن لنا أن نفكر بعدم الصيام!، إنه شهر واحد في العام ألا يليق بنا أن نلتزم خلاله بأوامر الخالق العظيم؟!".

وقد يجيب البعض بأننا اعتدنا الصيام منذ الصغر، ولا نستطيع إلا أن نصوم، فهو الفريضة التي لن نستطيع التفريط فيها، قد نقصر في الصلاة أو نتكاسل عن الزكاة، أما الصيام فنشعر بالخجل من تركه، وكأنه آخر ما يربطنا بالدين..

لكننا نجد النسبة الأكبر تقول: "نحن نصوم لكي نستطيع تربية الإرادة وتحسين الصحة بعدما علمنا من خلال البحوث العلمية الحديثة أن الصيام يحسن من أداء أجهزة الجسم المختلفة وهو ما يعد نصراً علميا لأصحاب ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم..".

ويرى البعض الآخر ضرورة الصيام لإسقاط الفريضة والهرب من التوابع الدينية الباهظة جراء الإفطار، فقد أخبرنا الحبيب المصطفى صلوات الله عليه بما معناه أن من يفطر في رمضان بغير عذر لا يعوضه صيام الدهر وإن صامه كله..

وهناك من يتحامل على نفسه ويصوم وهو مسافر أو مريض، ولا يأخذ برخصة السفر حتى لا يضطر إلى تعويض ما أفطره بالصيام وحده بعد انتهاء رمضان ولسان حاله يقول: "الصيام وحدي أشد مشقة، لا شك أن إحساسي بالمشاركة يعطيني قوة إضافية..".

صيام "خواص الخواص"

وحتى لا نستطرد في كشف أسباب صيام الكثير منا، نود أن نبدأ جميعًا من هذا العام إضافة سبب رائع للصيام: وهو أننا نصوم لأننا نحب الله.. وقد أمرنا بالصيام وعلينا كمحبين الالتزام بما أمر، والتسابق لأدائه بأفضل صورة ممكنة، فكما قيل: "إن المحب لمن يحب مطيع"، وبهذا نصل إلى صوم خواص الخواص، ونترك مرتبة العوام الذين يصومون نهار رمضان؛ لأنه فرض فيمتنعون عن تناول الطعام والشراب فقط.

وفي صيام "خواص الخواص" فإننا نمتثل لأمر الرحمن وطاعته ونحن نشعر بجمال ومتعة الإحساس بالعبودية الحقة، ونجدد إيماننا في كل لحظة صيام، وإذا ما استبد بنا الجوع أو العطش أو شعرنا بأي إجهاد بسبب الصيام، سارعنا بالابتسام وتخيلنا رضا الله سبحانه وتعالى عنا، وتأكدنا أن ما تكبدناه من بعض المشاق يعد مهراً بسيطا تماما لما سنناله من جوائز ربانية ولعاهدنا أنفسنا على زيادة نصيبنا من رضا الرحمن ومحاولة الفوز بأي قدر من حبه عز وجل، ليس خلال شهر رمضان فقط ولكن خلال أيام وثوان العمر كله.

ولنردد دعاء أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه: "اللهم إني أسألك الأنس بك، لا أحد سواك".

فلنستأنس بإحساسنا بقرب الله ومعيته، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد، ونستحضر هذا المعنى دائمًا ليصاحبنا في كل تفاصيل حياتنا اليومية فنشعر بالسمو وبأحاسيس شفافة رائعة ترتفع بنا في سماوات الرقي وتجعلنا نتجاهل سفاسف الأمور وسخافات البعض، ونتطهر من كل الدنايا ونستشعر مراقبة الله لنا فلا نجعل الله أبدا أهون الناظرين إلينا.

ولنستحضر ذاك المعنى الجميل الذي أشار إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن الإثم هو ما حاك في صدورنا وكرهنا أن يطلع عليه الناس، فلنطهر صدورنا من كل الآثام أولاً بأول ونستبدل رياحين القرب من الرحمن الودود مكانها، ونتعالى على ما يكدر صفونا بالنهل من كنوز القرآن الكريم.

ميلاد متجدد

إن الصيام الحقيقي هو الذي نستشعر فيه حب الخالق، وأننا قد فزنا بتكريمه لنا، فوحدنا من سائر المخلوقات الذين نمتلك العقل الذي يميز ويتدبر في الخلق ويعرف خالقه ولذا فلندعو جميعا: "اللهم ارزقنا معرفتك وشكرك وحسن عبادتك".

وصدق القائل: "من عرف ربه رأى كل شيء جميلاً"، فلنتسابق في معرفة خالقنا وكفانا إهداراً لسنوات العمر في اللهاث اليومي من أجل بعض الفتات الدنيوي، وكأننا نعيش حياتنا ونحن ننظر إلى تحت أقدامنا فقط، فلنرتفع بأحلامنا وأهدافنا ولتشغل معرفة الخالق وحبه جزءا حيويا من حياتنا اليومية في رمضان وبعد رمضان.

ولنضع نصب أعيننا دائما الآية الكريمة: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين * قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنت فيه تختلفون).

ولنجعل من كل لحظة صيام إشهار لإسلامنا من جديد، فإننا نتحمل الإجهاد الناتج عن الصيام؛ لأننا نتمتع بنعمة الإسلام التي من بها الخالق علينا بدون أي فضل أو سعي منا، وندعو لأنفسنا وللمسلمين في كل زمان ومكان، بأن يرزقنا إيمان الأولين وأن يكتبنا من المتقين ولنردد الآية الكريمة بعمق يسري في النفوس ويتخلل العقول ويرسخ فيها ويكون شعارنا الحقيقي في الحياة (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ولنرسخ مشاعر الحب تجاه الخالق عز وجل في الصيام وفي غيره من العبادات.

عطاء الحب أفضل

ولنتذكر دوما أن عطاء الحب أقوى وأفضل وأعمق وأنصع من عطاء الواجب، فالمحب يبذل نفسه مع عطائه وتهون المشاق أمام شدة حبه، أما عطاء الواجب فيبذل الإنسان فيه يده أو لسانه ويحاصره الإحساس بالتعب ويرهقه، ولنتذكر أن الله مطلع على القلوب فلنسعى أن يطغي حب الله على أي حب آخر في قلوبنا ولندعو جميعا: "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا وعمّر قلوبنا بحبك..".

فالأذكياء فقط هم الذين يدخرون حبهم لخالق الأكوان، ليس في الصيام والقيام فقط ولكن في كل تصرفاتهم اليومية، فيبتسم في وجه أخيه لينال صدقة ويكون في حاجة أخيه ليكون الله في حاجته، ويتجمل بحسن الخلق ليكون أقرب الناس في يوم القيامة إلى سيد الخلق حبيبنا ورسولنا العظيم محمد صلوات الله وسلامه عليه..

الأذكياء فقط هم الذين يستفيدون من الجوانب الروحانية العظيمة في الصيام، ولا يتوقفون عند الجوانب المادية، وأتذكر في ذلك تساؤل أحدهم عن دعاء الوضوء "اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي"، كيف يوسع لي ربي في داري وهي ضيقة ولن أستطيع تغييرها؟

وقد تناسى صاحب السؤال أن هناك الكثيرين ممن يعيشون في قصور فارهة يشعرون بضيق كبير، في حين يشعر الكثيرون ممن يحيون في أضيق المنازل بالسعة والرضا.

فلندعو ربنا بأن يوسع صدورنا ويعمر قلوبنا بحبه، وأن يجعل حبه أحب الأشياء إلينا، وأن نخشاه كأننا نراه فإن لم نكن نراه فهو يرانا، وأن نكون في غاية الامتنان لكل ما وهبنا إياه وعلى رأسه نعمة الإسلام، وأن نحرص عليها بكل ما أوتينا من قوة، وأن نستصغر حرماننا من أي متع دنيوية قد تميل إليها قلوبنا في ضعف بشري، لا نتبرأ منه بالطبع، ولكننا نعطف عليه برفق ونحتويه بتعقل ونرده إلى حب الخالق عز وجل..

ونتوقف عند الآية الكريمة (وعجلت إليك رب لترضى) فلنعجل الذهاب إلى خالقنا في كل ما نفعله في حياتنا، فلنحب خالقنا عز وجل بكل قوانا ونجعل كل ما في حياتنا من أفعال أو أقوال تفيدنا نحن وأوطاننا، وكل أبناء ديننا باقات من الحب له عز وجل لعله يتفضل علينا بالقبول ونفوز برؤيته سبحانه وتعالى وهو راضي عنا وضاحك إلينا وفي ذلك -فقط- فليتنافس المتنافسون..

منقـــول