جامع الختياريه - المضافة

12 سبتمبر 2010
29
0
0
جامع الختياريه - المضافة

بقلم : هشام ابراهيم الاخرس

جامع الختياريه هو المضافة التي يبنيها أهالي كل حارة أو حي وكانت مضافتنا عبارة عن غرفة يتوسطها كانون نار و على جنباتها فراش عربي مهتريء كان قد أكل عليه الدهر وشرب و هو مليء بالثقوب جراء تطاير الشرر من النار الموقدة في الوسط ولها جدران حجرية أسودت لهول الدخان المنبعث و هول السنين العابسات ولمبة في الوسط لا تنير الا داخلها ومسامير دقت بعشوائية هنا وهناك ليعلق أجدادنا عليها عبائتهم و عصيهم و أشيائهم الاخرى .
كان هناك مهباش ومحماس و أبريق شاي تأكل من كثرة السواد على حوافه وكاسات شاي لا أذكر أنهم غسلوها يوماً و زاوية المونة وفيها يجمعون أكياس السكر الورقية و الشاي و ثمة ضمة مرمية منذ خمسة اعوام مرّت .
كانت الافراح تقام في مضافتنا و فيها تقام بيوت العزاء والجاهات والعطوات و الخطوبة و حكايا اللجوء و النزوح والبنادق و المغائر و المقاثي والحرب والسلم و فيها نشرات الاخبار السياسية والاجتماعية وكانت المضافة برغم صغرها تتسع لضوضائنا وصخبنا وكان ينام فيها ضيفاً قدم للتو من الكرك وكان يقصد مستشفى البشير للعلاج .
كنّا أطفال عابثون و كنّا نقف على أطراف شباك المضافة بقصد الأزعاج و الصراخ لكسب مزيداً من الشتائم من أجدادنا الذين لم يكونوا يعرفوننا لكثرة الدخان المنبعث من داخل المضافة وكان شغبنا يصل لحد العبث بأشياء المضافة المقدسة وقت صلاة أو فرح عابر .
لم نكن نعرف الصيوان ولا بيت الشعر ولا الجمعيات والصالات , لم نكن نعلم و لا نعرف سوى المضافة التي تزوج فيها كل ابائنا و أعمامنا و أقاربنا وفيها كان بيت العزاء لمن توفى منهم و فيها يحط الضيوف رحالهم حيث لا خلاف و أختلاف ولا نفاق .
هدمت أمانة عمان المضافة منذ مدة و أصبح مكانها موقفاً لسيارات الغرباء و أصبحنا نحن غرباء في أثرها و ذكراها التي تعشعش في الذاكرة منذ أن توفي جدي و هو يبحث عن الحطب لموقدها ومنذ توفي جدي الاخر وهو يكسّر الحطب لنارها ومنذ أن مات أخرهم متأثراً بدخانها .


هشام ابراهيم الاخرس
http://www.shabab-jo.com/vb/showthread.php?p=708804