أولاد العطلات

12 سبتمبر 2010
29
0
0
أولاد العطلات

هشام ابراهيم الاخرس


عندما كنا في المدرسة التي كنا نكرهها كثيرآ كانت هناك لحظات جميلة جدآ و هي لحظات أقتراب العطلة الصيفية و كانت عطلة من تسعون يومآ كاملة نكون فيها قد أرتحنا من الهم و الغم و من العريف الفساد و من اللوح و الطباشير و من رائحة الصف في الحصة الخامسة .

العطلة كانت على أيامنا بهجة و سرور و عمل و كد و نشاط فالكثير منا كان يستثمر عطلته في مشروع تجاري ناجح حيث كنا نبيع الحلاوة او القشطة أو الاسكيمو او تلك الصبغات الملونة و التي تسمى عصائر و منا من أتجه لتجارة الذرة أو الكعك او الفول و الترمس و هناك فئة منا كانت لا تؤمن الا بالعمل و منهم أنا حيث كنا نسرح كل صباح مع احد المتعهدين و اصحاب الكمبريسات و نعود في اخر النهار و قد اشتدت عظلاتنا و اشتد عودنا و ننام مثل المرضى المتعبون و هكذا دواليك حتى إنتهاء العطلة و انا كنت اعمل مع أحدهم بثلاثة دناير يومية و كان عمري لم يتجاوز الثلاثة عشر عامآ بعد وكانت طبيعة عملي عامل مجرفة .

كانت العطلة على أيامنا صعبة و شاقة جدآ و لكن برغم مشقتها إلا أنها كانت أجمل من أيام المدرسة على عشرات المرات و كنا نستمتع في ليالي العطلة كثيرآ حيث لم نكن ننام مبكرآ و لا نعتني بأظافرنا او حتى نظافة وجوهنا و كنا نمارس في ليالي العطلة رياضات متعددة منها لعبة الشقفات او ما يسموها لعبة السبع احجار و هناك لعبة الطاسة ، كانت مناظرنا أشبه ما تكون لفوضى الطفولة في مخيم للاجئين .

و لكل منا كانت هواية و لقب في طفولتنا و كانت هوايتي أنا جمع و تفكيك الخردة حيث كنت املك غرفة على سطح البيت تسمى ( عريشة ) وكنت أخزن فيها جميع أنواع الخردوات و البراغي و العدد و كانت لغيري هوايات اخرى فشقيقي احمد كان من هواة جمع المجلات سواء شراء او من الحاويات الجميلة في عبدون و كان صديقي جهاد من هواة تقليد الخط العربي و الخمول و هكذا . . . . .

اما بالنسبة لموضوع الالقاب فكانت حكاية جميلة فنحن لا نعرف الصديق الا بلقبه حيث لم نكن نعلم من سماه و لماذا إلا ما ندر ، و أنا كان لقبي أخناتون و ذلك بسب كسر في أنفي و خنة في صوتي و من سماني هو أستاذ العلوم في مدرستي ، و هناك القاب كثيرة في حارتنا لأشخاص هم أصدقائي و احبابي و من هذة الألقاب : دحبورة ، أبو دبعو ، التشذاب ، السراق ، الجحش ، ابو بريزة ، الدبس ، لحمة ، ابريق ، التشرزاوي ، الي بعرفش ، ابو الخماخم ، نيدو ، الجوكس ، و هناك من الالقاب الكثير و لا تحضرني القابهم و كان اللقب هو صورة عن الإنسان و لا نعرفه إلا بها و كنا و قت الطوشات ننادي الشخص بأسم امه نكاية فيه و اتذكر ان احدهم قال لي ذات مشاجرة يا أبن كواصر و هو يقصد انا يستفزني بتفخيم اسم امي و هو كوثر و لكني لم أكن أهتم ليس لأني لا أغار على أسم امي و لكن لأن جدي كان ذكيآ قبلهم فقد كان قد اطلق اسمين على امي و احد سري و رسمي و واحد للتوزيع و النشر في الحارة ، و هناك من اصدقاء الطفولة من لصق فيهم اللقب و منهم من التصق فيهم اسم الأم و أذكر منهم محمود صفية مثلآ حيث انه اوشك ان يكون جدآ و لا زال هذا اسمه .

ما اجمل طفولتنا وما اجمل طوشنا والقابنا وما اجمل لحظات ضاعت ذات شيب وذات كبّر يمرّ رويداً رويداً ودونما توقف​

يا الله لو يتوقف العمر لحظة , برهة , ثواني وتعاد الذكريات


هشام ابراهيم الاخرس البستنجي
شبكة الشباب الإخبارية