ولا تتخذوا آيات الله هزوا

رحيق مختوم

عضو جديد
26 ديسمبر 2011
2
0
0
[font=&quot]اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَبَعْدُ؟ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي مَعْرِضِ الْحَدِيثِ عَنِ الطَّلَاقِ وَاَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَة{وَلَاتَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُوَا(فَقَدْ يُطَلّقُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يَقُولُ اَنَا اَلْعَب؟ اَنَا مَازِح؟ وَقَدْ كُنْتُ غَيْرَ جَادٍّ حِينَمَا طَلَّقْتُهَا؟ وَقَدْ يُعْتِقُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ اَوْ فَتَاهُ اَوْ مَمْلُوكَهُ بِقَوْلِهِ لَهُ اَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ الله؟ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ كُنْتُ اَلْعَبُ؟ اَوْ كُنْتُ اَمْزَحُ؟ اَوْ كُنْتُ هَازِلاً؟ وَقَدْ يَعْقِدُ الْوَلِيُّ قِرَانَ ابْنَتِهِ مَثَلاً عَلَى مَنْ جَاءَ لِيُصَاهِرَهُ ثُمَّ يَقولُ لَهُ لَسْتُ جَادّاً؟ وَقَدْ كُنْتُ هَازِلاً اَخُوضُ وَاَلْعَبُ مَعَك؟ وَقَدْ يَعْقِدُ قِرَانَهَا مِنْ جَدِيدٍ وَبِمَهْرٍ جَدِيدٍ اَيْضاً عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا طَلَاقاً بَائِناً بَيْنُونَةً صُغْرَى ثُمَّ يَقُولُ لَهُ كُنْتُ مَازِحاً؟ وَقَدْ يَتَقَدَّمُ شَخْصٌ مَا اِلَى الزَّوَاجِ ثُمَّ يَسْاَلُهُ الْمَاْذُونُ اَوْ يَسْاَلُهَا هَلْ تَقْبَلُ اَوْ تَقْبَلِينَ الزَّوَاجَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ اَوْ هَذِهِ الْمَرْاَة؟ فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلْتُ؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَفَجْاَةً يَقُولُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اَوْ كِلَاهُمَا كُنَّا هَازِلِينَ لَاعِبِينَ نَمْزَح؟ وَلِذَلِكَ اَخِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة؟ وَنَزَلَ مَعَهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُوَضِّحاً[مَنْ طَلَّقَ اَوْ حَرَّرَ اَوْ نَكَحَ اَوْ اَنْكَحَ ثُمَّ قَالَ اِنِّي لَاعِبٌ فَهُوَ جَدّ[ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ؟ وَهَزْلُهُنَّ جَدّ؟ اَلطَّلَاقُ؟ وَالْعِتَاقُ؟ وَالنِّكَاح] وَفِي اَيَّامِنَا هَذِهِ وَمَعَ الْاَسَفِ الشَّدِيد؟ وَخَاصَّةً فِي شَهْرِ رَمَضَان؟ وَمَااَكْثَرَ الْاَسْئِلَةَ الَّتِي تَاْتِينِي عَبْرَ الْبَرِيدِ وَالْهَاتِفِ مِنْ اَحَدِهِمْ اَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِاَنَّهُ كَانَ صَائِماً وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل؟ وَكَاَنَّ الصَّوْمَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ اَصْبَحَ ذَرِيعَةً وَاَصْبَحَ عُذْراً مِنَ الْاَعْذَارِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَتَلَفَّظَ الرَّجُلُ بِهَذَا الْكَلَامِ مِنَ الزٌّورِ وَالْبُهْتَان؟ لِاَنَّ الزَّوَاجَ عَقْدٌ مُوَثَّقٌ مُغَلَّظٌ عِنْدَ الله لَايُمْكِنُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ مِنَ الطَّلَاق؟ بَلْ بِاَبْغَضِ الْحَلَالِ عِنْدَ اللهِ وَهُوَ الطَّلَاق؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظَا( وَكَلِمَةُ اَخَذْنَ فِعْل مَاضِي مَبْنِي عَلَى السُّكُون لِاتِّصَالِهِ بِنُونِ النِّسْوَةِ الَّتِي هِيَ فَاعِل؟ بِمَعْنَى اَنَّ الْمَرْاَةَ هِيَ الْفَاعِلَة وَلَيْسَ الرَّجُل؟ بِمَعْنَى اَنَّ الْمَرْاَةَ هِيَ الَّتِي اَخَذَتْ عَهْداً جَعَلَهُ اللهُ غَلِيظاً عَلَى قَلْبِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَاِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ اَوْ تَسْرِيحٌ بِاِحْسَان{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف؟ فَاِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرَا{وَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ(وَلِذَلِكَ فَقَدْ سَاَلَنِي اَحَدُ الْاِخْوَة؟ وَمَاذَا اَخَذَ اللهُ بِالْمُقَابِلِ عَلَى الْمَرْاَةِ مِنْ هَذِهِ الْغِلْظَةِ؟ وَهَلْ خَلَقَهَا اللهُ فَقَطْ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَكُونَ فِرَاشاً لِلرَّجُل ِتَسْتَمْتِعُ بِنِكَاحِهِ لَهَا فِي فِرَاشِه؟ وَاَقُولُ لِهَذَا وَاَمْثَالِهِ نَعَمْ يَارُوح قَلْبِي شُو تْفِضَّلِتْ؟ اِلْعِينْ تِطِرْقَكْ مِنْ بِينِ الرِّجَال يَاعِرَّةَ الرِّجَال؟ وَمَاذَا عَنْ شَهْوَتِكَ الْغَلِيظَةِ الَّتِي وَضَعْتَهَا فِي هَذِهِ الْمَرْاَة؟ اَلَمْ تَسْتَمْتِعْ بِهَا اَنْتَ اَيْضاً؟ وَمَاذَا عَمَّا تُسَبِّبُهُ لَهَا هَذِهِ الشَّهْوَة مِنْ وِحَامٍ فَظِيعٍ طِيلَةَ فَتْرَةِ حَمْلِهَا يَكَادُ اَنْ يَخْنُقَهَا حَتَّى الْمَوْت؟ مَاذَا وَاَنْتَ بِاَنَانِيَّتِكَ لَمْ تَضَعْهُ اِلَّا شَهْوَة؟ وَلَمْ تَسْتَمْتِعِ الْمِسْكِينَةُ بِشَهْوَتِكَ؟ وَلَمْ تُطْفِىءْ حَضْرَتُكَ عَطَشَهَا الْجِنْسِيَّ اِلَيْكَ اِلَّا دَقَائِقَ مَعْدُودَوة دَفَعَتْ ثَمَنَهَا عَامِصاً وَغَالِياً جِدّاً مِنْ صِحَّتِهَا وَرَاحَتِهَا وَضَعْفِهَا يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ؟ حَتَّى اَنَّهَا اَصْبَحَتْ تَشْتَهِي الْمَوْتَ وَتَطْلُبُهُ وَقَدْ لَاتَجِدُهُ؟ بَعْدَ اَنْ قَضَيْتَ وَطَرَكَ اَوْ شَهْوَتَكَ مِنْهَا وَقَضَتْ شَهْوَتَهَا مِنْكَ؟ وَقَدْ تَكُونُ حَضْرَتُكَ فَاضِي رَاضِي لِامْرَاَةٍ اُخْرَى؟ وَلَاتُحِسُّ وَلَاتَشْعُرُ بِالْآلَامِ الَّتِي تُعَانِيهَا زَوْجَتُك؟ نَعَمْ اَمَّا اَنْتَ فَقَدْ حَمَلْتَ فِي عُضْوِكَ الذَّكَرِيّ مِنَ التَّحْرِيضِ الْجِنْسِيّ وَالشَّهْوَةِ اللَّذِيذَة ثُمَّ وَضَعْتَ وَلَدَكَ الَّذِي قَدَّرَهُ اللهُ لَكَ فِي فَرْجِهَا شَهْوَةً؟ وَاَمَّا هِيَ فَقَدْ{حَمَلَتْهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً(وَكَلِمَة كُرْهاً بِمَعْنَى رَغْماً عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ رَاضِيَةً بِذَلِكَ اَوْ غَيْرَ رَاضِيَة؟ مَاذَا عَنْ رِضَاعِهَا لِوَلَدِكَ؟ مَاذَا عَنْ سَهَرِ اللَّيَالِي وَتَعَبِهِ الْمُضْنِي؟ مِنْ اَجْلِ السَّهَرِ عَلَى رَاحَتِكَ وَرَاحَةِ وَلَدِكَ؟ حَتَّى لَايُزْعِجَ كَشْكَشَ بَدَنِكَ طَوَالَ اللَّيْلِ وَاَنْتَ نَائِم؟ وَقَدْ يُزْعِجُهَا صَوْتُ شَخِيرِكَ وَصَوْتُ وَلَدِكَ الَّذِي لَايَهْدَاُ اَيْضاً طَوَالَ اللَّيْل؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة اِنَّ هَذَا الطَّلَاقَ الَّذِي تَلَفَّظَ بِهِ السَّائِلُ؟ يَدُلُّ عَلَى سُوءِ الْاَخْلَاقِ؟ وَعَلَى قِلَّةِ الْاَدَبِ؟ وَعَلَى عَدَمِ احْتِرَامِ عَقْدِ الزَّوَاجِ الْمُقَدَّس؟ نَعَمْ هَذَا الْعَقْدُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى مِيثَاقاً غَلِيظاً؟ فَاِذَا بِهَذِهِ الْاَلْسِنَةِ تَلُوكُ فِي لَفْظِ الطَّلَاق؟ وَاِذَا بِهَؤُلَاءِ الرِّجَالِ يَجْعَلُونَ مِنَ الطَّلَاقِ سَيْفاً مُسَلَّطاً؟ وَسَيْفاً دِيكْتَاتُورِيّاً؟ وَسَيْفاً فِيهِ التَّخْوِيفُ؟ وَفِيهِ التَّهْدِيدُ وَالتَّسَلُّطُ عَلَى رِقَابِ الزَّوْجَاتِ الْمِسْكِينَات؟ وَلَايَلْجَاُ اِلَى الطَّلَاقِ هَكَذَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ اِلَّا رَجُلٌ فَاشِلٌ تَافِهٌ سَفِيه؟ نَعَمْ اَخِي وَهَذَا الطَّلَاقُ الَّذِي تَلُوكُهُ الْاَلْسِنَة؟ اَصْحَابُهُ كَمَا وَصَفَهُمُ الْفُقَهَاءُ هُمُ السُّفَهَاء؟ نَعَمْ اَخِي بَلْ اِنَّهُمْ اَسْفَهُ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى؟ وَخَاصَّةً هَذَا الَّذِي يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بِالطَّلَاق؟ بل لَايُصَادِقُ عَلَى صِحَّةِ كَلَامِهِ اِلَّا اِذَا حَلَفَ بِالطَّلَاق؟ فَهَذَا مِنْ اَسْفَهِ النَّاسِ وَاَحْقَرِهِمْ وَاَتْفَهِهِمْ عِنْدَ الله؟ لِاَنَّهُ يَحْلِفُ بِيَمِينِ السُّفَهَاء؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَايَقْبَلُ مِنَ الْحَالِفِ الْمُضْطَّرِّ اِلَى الْحَلِفِ؟ اِلَّا اَنْ يَحْلِفَ بِاسْمٍ مِنْ اَسْمَائِهِ؟ اَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَمِنْهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ؟ لِاَنَّهُ كَلَامُ الله؟ وَلِاَنَّ الْكَلَامَ صِفَةُ الْمُتَكَلّم؟ نَعَمْ اَخِي اِنَّهُ يَمِينُ الطَّلَاق؟اِنَّهُ يَمِينُ السُّفَهَاء؟ اِنَّهُ يَمِينُ الْفُسَّاقِ اَيْضاً؟ وَاِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَحْسَبَ اَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ اَمْرٌ هَيِّنٌ عِنْدَ الله؟ وَلَاتَحْسَبَنَّ كَذَلِكَ اَخِي اَنَّ مِنَ الْاَمْرِ الْهَيِّنِ عِنْدَ اللهِ اَنْ تَقُولَ لِزَوْجَتِكَ اَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ اُمِّي؟ اَوْ اَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ كَاُمِّي؟ اَوْ كَمَا اَنَّ اُمِّي مُحَرَّمَةٌ عَلَيّ؟ اَوْ كَحُرْمَةِ اُمِّي؟ اِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَعْتَقِدَ اَنَّهَا كَلِمَةٌ هَكَذَا تَمُرُّ عِنْدَ اللهِ مُرُورَ الْكِرَام؟ لِاَنَّهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ شَدِيد؟ وَهُوَ اَنْ تُعْتِقَ رَقَبَة؟ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَجَبَ عَلَيْهِ اَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِمُدَّةِ سِتِّينَ يَوْماً وَلَيْسَ فِيهِمَا اَيَّامُ عِيدِ الْاَضْحَى الْاَرْبَعَة؟ وَلَيْسَ فِيهَا الْيَوْمُ الْاَوَّلُ فَقَطْ مِنْ عِيدِ الْفِطر؟ بَلْ يَصُومُهَا مُتَتَابِعَات؟ وَيُفْطِرُ فِي اَيَّامِ الْعِيد؟ ثُمَّ يَسْتَاْنِفُ بَعْدَهَا الصِّيَام؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاذَا لَوْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ مَاذَا لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى صَوْمِهِ اَوْ نَتَجَ عَنْهُ ضَرَرٌ فَوْقَ الْعَادَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي اِذَا اَحْسَسْتَ بِعَذَابٍ اَوْ اَلَمٍ شَدِيدٍ لَايُؤَدِّي اِلَى مُضَاعَفَاتٍ خَطِيرَةٍ تُفْضِي بَعْدَهَا اِلَى الْمَوْتِ؟ فَلَايُعْفِيكَ اللهُ مِنَ الصِّيَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَبَداً؟ لِاَنَّهُ عُقُوبَةٌ لَك؟ وَلِاَنَّ مَقْصُودَ اللهِ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ هُوَ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لَكَ وَلِاَمْثَالِكَ اَخِي؟ وَالرَّدْعُ لَايَكُونُ اِلَّا بِالْآلَام؟ لِاَنَّكَ حِينَمَا قُلْتَ لِزَوْجَتِكَ اَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ اُمِّي؟ فَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَاَفْسَدَتْهُ؟ وَقَدْ سَمَّاهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَوَصَفَهَا بِاَقْبَحِ الْكَلِمَات بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَاهُنَّ اُمَّهَاتِهِمْ؟ اِنْ اُمَّهَاتُهُمْ اِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ؟ وَاِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُورَا؟ وَاِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُور(بِمَعْنَى اَنَّ كَلِمَتَكَ اَخِي قَبيحَةٌ مُنْتِنَةٌ حِينَمَا تَجْعَلُ زَوْجَتَكَ كَاُمِّكَ اَوْ كَابْنَتِكَ اَوْ كَاُخْتِكَ اَوْ كَعَمَّتِكَ اَوْ خَالَتِك؟ نَعَمْ اِنَّهُ قَوْلٌ مِنَ الزُّور؟ وَالزُّورُ مِنْ اَقْبَحِ مَايَقُولُهُ الْاِنْسَان؟ وَلِذَلِكَ لَاتَحْسَبَنَّ نَفْسَكَ اَخِي اَنَّكَ فِي مَنْجَاةٍ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اِذَا لَمْ تُنَفّذْ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ كَمَا اَمَرَ الله؟ اِلَّا اِذَا قَرَّرَ الْاَطِبَّاءُ اَنَّ الصِّيَامَ فِيهِ خَطَرٌ عَلَى حَيَاتِك؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى { واَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ اَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير؟ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ اَنْ يَتَمَاسَّا؟ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟ ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ؟ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ اَلِيم؟ اِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؟ وَقَدْ اَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ؟ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِين(لَاحِظْ مَعِي جَيِّداً اَخِي قَوْلَهُ تَعَالَى{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ اَلِيم{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِين(وَاُرِيدُكَ اَنْ تُفَكِّرَ مَعِي جَيِّداً؟ مِنْ اَيْنَ جَاءَ الْكُفَّار؟ وَمَا عَلَاقَتُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الظّهَارِ وَاَحْكَامِهِ؟ وَمَاعَلَاقَةُ الظّهَارِ بِالْكُفْر؟وَاَقُولُ لَكَ اَخِي فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى اسْتِهْزَائِكَ بِآيَاتِ اللهِ بِمَا تَفْعَلُهُ مِنْ هَذَا الظّهَار؟ وَمِنْ هُنَا جَاءَ كُفْرُ الْكُفَّارِ فِي هَذِهِ الْآيَة؟ نَعَمْ جَاءَ مِنَ اسْتِهْزَائِكَ اَخِي بِآيَاتِ اللهِ بِالضَّبط؟ وَمِنْهَا تَهْدِيدُكَ لِزَوْجَتِكَ بِهَذَا الظّهَارِ فِي قَوْلِكَ لَهَا اَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ اُمِّي اِنْ فَعَلْتِ كَذَا اَوْ لَمْ تَفْعَلِي؟ فَكَيْفَ تَجْعَلُ زَوْجَتَكَ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ مِنْ اَقْوَى الْمُبَاحَاتِ لَكَ جِنْسِيّاً مِنْ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع؟ كَيْفَ تَجْعَلُهَا كَاُمِّكَ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ مِنْ اَقْوَى الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْكَ جِنْسِيّاً عَلَى الْاِطْلَاق؟ اَلَيْسَ هَذَا مِنْ اَكْبَرِ الِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ الله{قُلْ اَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُون؟ لَاتَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ اِيمَانِكُمْ؟ اِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ؟ نُعَذّبْ طَائِفَةً بِاَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين(وَقَدْ جَعَلَ اللهُ الْاُمَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الْاُولَى وَعَلَى رَاسِ الْقَائِمَةِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ جِنْسِيّاً بِسَبَبِ النَّسَبِ؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَة؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاء {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ(وَانْظُرْ مَعِي اَخِي اِلَى الْآيَةِ جَيِّداً مَرَّةً اُخْرَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُور(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ اِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيم؟ مِمَّا يَدُلُّ وَبِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى اَنَّ الْعُقُوبَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ تَلْزَمُكَ اَخِي رَغْماً عَنْكَ وَلَابُدَّ مِنْهَا؟ وَلَااُخْفِي عَلَيْكَ اَخِي؟ اَنِّي اَخَافُ عَلَيْكَ كَثِيراً مِنْ تَدَاعِيَاتِ هَذِهِ الْآيَة اِذَا لَمْ تُنَفّذِ الْعُقُوبَة الْمَذْكُورَةَ فِيهَا؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يَذْكُرْ رَحْمَتَهُ فِيهَا؟ وَلَااُخْفِي عَلَى اِخْوَانِي الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي سُورِيّا وَغَيْرِهَا اَيْضاً؟ اَنِّي اَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَضَبِ اللهِ كَثِيراً جِدّاً؟ بِسَبَبِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَذْكُرِ اللهُ رَحْمَتَهُ فِيهَا اَيْضاً؟ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي اَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ؟ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْاَرْض؟ قَالُوا اَلَمْ تَكُنْ اَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا؟ فَاُولَئِكَ مَاْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرَا؟ اِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَايَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَايَهْتَدُونَ سَبِيلَا؟ فَاُولَئِكَ عَسَى اللهُ اَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ؟ وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفُورَا(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ يَجْعَلُونَ مِنْ اَنْفُسِهِمْ دُرُوعاً بَشَرِيَّةً وَاقِيَةً يَحْتَمِي بِهَا الْاَعْدَاء؟ مِمَّا يُعَرْقِلُ تَقَدُّمَ الْمُجَاهِدِينَ وَيَصُدُّهُمْ عَنْ سَبِيلِ الله؟ كَمَا عَرْقَلُوا مِنْ قَبْلُ رَسُولَ اللهِ وَمَنْ مَعَهُ فِي فَتْحِ مَكَّةَ سَنَةً كَامِلَة؟ وَمَنَعُوهُ مِنَ التَّقَدُّمِ اِلَيْهَا وَتَحْرِيرِهَا مِنْ رِجْسِ الْوَثَنِيَّةِ وَالْاَصْنَامِ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ اَنْ تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْم؟ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاء؟ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً اَلِيمَاً(بِاَيْدِي الْمُجَاهِدِين؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذّبْهُمُ اللهُ بِاَيْدِيكُمْ} نَعَمْ اَخِي لَقَدْ شَوَّهَ الْمُسْلِمُونَ دِينَهُمْ؟ فَصَارَ غَيْرُ الْمُسْلِمِ يَضْحَكُ عَلَى الْمُسْلِمِ الَّذِي يَجْعَلُ الطَّلَاقَ مَعْرَضاً مِنَ الْمَعَارِضِ يَعْرُضُهُ فِي بَيْعِهِ وَفِي شِرَائِهِ؟ فَاِذَا بَاعَ حَلَفَ بِالطَّلَاق؟ وَاِذَا اشْتَرَى حَلَفَ بِالطَّلَاق؟ وَاِذَا اَخْطَاَ وَلَدُهُ حَلَفَ بِالطَّلَاق؟ وَهُمَا ذَنْبَانِ مُتَوَالِيَانِ بِحَقِّ الرَّجُل؟ اَلذَّنْبُ الْاَوَّلُ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاق؟ وَالذَّنْبُ الثَّانِي اَنَّكَ حَمَّلْتَ زَوْجَتَكَ وِزْرَ وَلَدِك؟ وَلِمَاذَا لَاتَتَحَمَّلُهُ اَنْتَ وَاَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي تَدَّعِي الرُّجُولَة؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهَا سَفَاهَةٌ لَيْسَ مِثْلَهَا سَفَاهَةٌ اَبَداً؟ وَلَاتَعْدِلُهَا سَفَاهَةٌ اَبَداً؟ حِينَمَا تَلُوكُ الْاَلْسِنَةُ بِالطَّلَاقِ عَلَى الطَّالِعِ وَعَلَى النَّازِلِ ثُمَّ تَنْدَمُ عَلَى ذَلِك؟ لِاَنَّ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا يَسْتَهْزِىءُ بِآيَاتِ الله؟ وَيَسْتَهْزِىءُ بِاَحْكَامِ الله؟ وَيَسْتَهْزِىءُ بِمِيثَاقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَهْدِه؟ لِاَنَّكَ اَخِي تُعَاهِدُ اللهَ قَبْلَ اَنْ تُعَاهِدَ زَوْجَتَكَ فِي هَذَا الْعَقْدِ النِّكَاحِيِّ الْمُقَدَّس؟ فَاِيَّاكَ اَنْ تَظُنَّ اَنَّهُ مُجَرَّدُ وَرَقَةٍ لَاقِيمَةَ لَهَا عِنْدَ اللهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ عَقْداً بِرَّانِيّاً عُرْفِيّاً؟ لِاَنَّكَ بِذَلِكَ تُشَوِّهُ دِينَكَ؟ وَتُشَوِّهُ سُمْعَةَ دِينِكَ اَمَامَ النَّاس؟ فَلْنَتَّقِ اللهَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ فِي اَقْوَالِنَا وَفِي اَفْعَالِنَا؟ وَلَانَكُنْ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَهْزِؤُونَ بِآيَاتِ الله؟ اَللَّهُمَّ اَدِّبْنَا بِآدَابِ نَبِيِّكَ وَاَقْوَالِهِ وَاَفْعَالِه؟ لِاَنَّنَا وَاللهِ اِذَا لَمْ نَفْعَلْ؟ فَاِنَّنَا سَنَدْفَعُ ثَمَناً غَالِياً جِدّاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ اَلِيم{قَالَ اِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَاِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون؟ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَاْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ عَظِيم(اِيَّاكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنْ تَتَحَدَّوُا الْقَدَر؟ اِيَّاكُمْ اَنْ تَتَحَدَّوْا سُخْرِيَّةَ الْقَدَرِ وَصَاحِبَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكُمْ اِذَا لَمْ تَفْعَلُوا؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ وَقَدِ انْتَقَدَنِي كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِقَوْلِهِمْ؟ اِلَى مَتَى سَتَبْقَيْنَ اَيَّتُهَا الْاُخْت غُصُون؟ تَتَكَلَّمِينَ فِي اَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالنّفَاسِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؟ وَالنَّاسُ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ وَاَقُولُ لِهَؤُلَاءِ؟ يَتَكَلَّمُ اَحَدُكُمْ بِالْكَلِمَةِ مِنَ الظّهَارِ وَالْحَيْضِ وَالنّفَاسِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِاَحْكَامِ اللهِ وَلَوْ كَانَتْ فَرْعِيَّة مُخْتَلَفاً فِيهَا؟ وَلَايُلْقِي لَهَا بَالاً؟ فَتَهْوِي بِهِ مِنْ سَخَطِ اللهِ فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفاً؟ هَذَا فِي الْآخِرَة؟ وَاَمَّا فِي الدُّنْيَا؟ فَاِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مِنْ سَخَطِ اللهِ؟ تَهْوِي بِكُمْ سَبْعِينَ خَرِيفاً فِي جَهَنَّمَ اَيْضاً اِلَى نَارٍ مِنَ الْاَحْقَادِ وَالضَّغَائِنِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَدَاوَاتِ وَحُبِّ الِانْتِقَامِ وَالْاَخْذِ بِالثَّارَاتِ وَمَااِلَى هُنَالِك؟ حَتَّى اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَجْعَلُ مِنْكُمْ سُخْرِيَةً وَاُضْحُوكَةً وَاسْتِهْزَاءً مِنْ اَعْدَائِكُمْ بِكُمْ كَمَا جَعَلْتُمْ مِنْ آيَاتِ اللهِ هُزُواً وَقَلَّلْتُمْ مِنْ شَاْنِهَا وَاحْتَقَرْتُمُوهَا وَمِنْهَا النّفَاسُ وَالْحَيْض؟ نَعَمْ اَلْحَيْضُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ؟ قُلْ هُوَ اَذىً؟ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ؟ وَلَاتَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْن(نَعَمْ وَعَلَى الْحَيْضِ يَبْنِي سُبْحَانَهُ اَحْكَاماً شَرْعِيَّةً فِي الطَّلَاق وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِاَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوء( فَكَيْفَ تَسْتَهِينُونَ بِاَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس؟ وَكَيْفَ تَحْتَقِرُونَ مَنْ يُفَقّهُ النَّاسَ بِهِمَا وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُول[لَاتَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَوْ اَنْ تَلْقَى اَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ بَشُوش(كَيْفَ وَقَدْ كَانَ الْكَلْبُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ مِنْ اَقْبَحِ الْاَوْصَافِ لِمَنْ يَنْسَلِخُ عَنْ آيَاتِ اللهِ؟ سَبَباً فِي هِدَايَةِ امْرَاَةٍ عَاهِرَةٍ بَغِيٍّ اِلَى التَّوْبَةِ النَّصُوحِ؟ وَسَبَباً فِي غُفْرَانِ اللهِ لِجَمِيعِ ذُنُوبِهَا؟ لِمُجَرَّدِ اَنَّهَا رَاَفَتْ بِهِ وَبِحَالَتِهِ وَسَقَتْهُ؟ بَعْدَ اَنْ كَادَ يَمُوتُ مِنَ الْعَطَشِ؟ وَيَلْحَسُ التُّرَابَ مِنْ شِدَّةِ عَطَشِهِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ اللهَ لَمْ يَحْقِرْ شَيْئاً مِنَ هَذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي فَعَلَتْهُ الْمَرْاَةُ مَعَ هَذَا الْكَلْبِ النَّجِسِ الَّذِي يَحْتَقِرُهُ سُبْحَانَهُ اَشَدَّ الِاحْتِقَار؟ بَلْ شَكَرَ اللهُ لَهَا وَاَدْخَلَهَا الْجَنَّةَ؟فَلِمَاذَا لَاتَسْقُونَ هَؤُلَاءِ الْكِلَابِ الْمُشْرِكِينَ الْاَنْجَاسَ الْمُتَعَطّشِينَ اِلَى يَنَابِيعِ عُلُومِكُمْ وَمَعَارِفِكُمْ وَهِدَايَتِكُمْ لَهُمْ اِلَى الْحَقّ؟ لِمَاذَا تَتْرُكُونَ اَرْوَاحَهُمْ وَعُقُولَهُمْ خَاوِيَةً فَارِغَةً عَطْشَى وَهُمْ يَسْتَغِيثُونَ بِكُمْ وَلِسَانُ حَالِهِمْ يَقُولُ؟ اَنْقِذُونَا مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم؟ اَغِيثُونَا وَاسْقُونَا مِنْ مَاءِ الْاِيمَانِ وَالْاِسْلَامِ وَالتَّوْحِيد؟ وَاِلَّا فَاِنَّ اللهَ لَنْ يَرْحَمَنَا فِي جَهَنَّمَ حِينَمَا نَسْتَغِيث{اِنَّا اَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً اَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا؟ وَاِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوه؟ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقَا{وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ اَمْعَاءَهُمْ{كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُون؟ كَغَلْيِ الْحَمِيم؟ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ اِلَى سَوَاءِ الْجَحِيم؟ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَاْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيم؟ ذُقْ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم(فَاِلَى مَتَى سَنَنْتَظِرُ غَوْثَكُمْ وَلَامُجِيب؟ رَضِينَا بِاَنْ تُعَامِلُونَا كَمَا تُعَامِلُونَ الْكِلَاب وَلَاحَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي؟ هَلْ نَنْتَظِرُ الْغَوْثَ مِنِ امْرَاَةٍ بَغِيٍّ عَاهِرَةٍ حَتَّى تَقُومَ بِسِقَايَتِنَا؟ حَقّاً اِنَّ اللهَ لَيَنْصُرُ هَذَا الدِّينَ بِالْمَرْاَةِ الْعَاهِرَةِ الْفَاجِرَةِ وَالرَّجُلِ الْفَاجِر؟ وَلَيْسَ اللهُ بِحَاجَةٍ اِلَى نُصْرَتِكُمْ؟ لِاَنَّكُمْ لَاتُرِيدُونَ اَنْ يَشْكُرَ اللهُ لَكُمْ عَلَى كَلْبٍ بَشَرِيّ تَسْقُونَهُ مَاءَ الْحَيَاةِ مِنَ التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ لِيَحْيَا مِنْ جَدِيدٍ بِاِخْرَاجِكُمْ لَهُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ اِلَى نُورِ الْاِيمَانِ وَالْاِسْلَام كَمَا شَكَرَ اللهُ لِهَذِهِ الْمَرْاَةِ الْعَاهِرَةِ عَلَى مَافَعَلَتْهُ مَعَ كَلْبٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِكُمْ؟ فَمَابَالُكُمْ اِذَا كَانَ هَذَا الْكَلْبُ مِنْ جِنْسِكُمُ الْبَشَرِيّ؟ فَلِمَاذَا تَبْخَلُونَ عَلَى اَنْفُسِكُمْ بِمَا شَكَرَهُ اللهُ لَكُمْ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[لَاَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؟ وَخَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمُرِ النِّعَم؟ وَخَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون(نَعَمْ فِي تَاْمِينِ مَاْوَى وَبُيُوتٍ لِاُسَرٍ وَذَرَارِي تُوَحِّدُ اللهَ مِنْ هَذِهِ الْكِلَابِ الْبَشَرِيَّةِ الشَّارِدَةِ الضَّالَّة؟ قَبْلَ اَنْ تَدْفَعُوا اَمْوَالاً طَائِلَةً مِنْ اَجْلِ تَاْمِينِ الْبُيُوتِ الْفَاخِرَةِ لِلْكِلَابِ الْمُدَلَّلَةِ الَّتِي يُقَدِّسُهَا خَنَازِيرُ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ اَكْثَرَ مِمَّا يُقَدِّسُونَ الْاِنْسَانَ وَحُقُوقَ الْاِنْسَان؟ بَلْ لَاقِيمَةَ لِلْاِنْسَانِ عِنْدَهُمْ اَبَداً؟ بَلْ اِنَّ اِنْسَانَنَا الْمُسْلِمَ عِنْدَهُمْ هُوَ مَزْبَلَةُ التَّارِيخِ الْيَهُودِيِّ الصَّلِيبِيِّ الْعَفِنِ الْقَذِرِ الْمُنْتِن؟ وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل؟ نعم ايها الاخوة؟وكَيْفَ تَحْتَقِرُونَ الْحَيْضَ وَالنّفَاسَ وَمَا فِيهِمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَاَذى؟ كَيْفَ وَقَدْ بَنَى سُبْحَانَهُ عَلَى هَذِهِ النَّجَاسَةِ وَالْاَذَى اَحْكَاماً شَرْعِيَّةً بِمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَه؟ وَكَيْفَ تَحْتَقِرُونَ مَنْ يُعَلّمُكُمْ كَيْفِيَّةَ الطَّهَارَةِ مِنْهُمَا مِنْ اَجْلِ الصَّلَاة؟ نَعَمْ لَابُدَّ مِنْ اِصْلَاحِ الْاَوْضَاعِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يُرْضِي اللهَ؟ حَتَّى لَايَقْتُلَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضاً؟ وَلَابُدَّ مِنَ النَّاسِ جَمِيعاً اَنْ يَلْتَزِمُوا بِمَابَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ شَعْرَةٍ صَغِيرَةٍ لَانَرَاهَا بِالْعَيْنِ الْمُجَرَّدَةِ؟ حَتَّى لَايَقْتُلُوا بَعْضَهُمْ بَعْضاً؟ وَاِلَّا{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ(فَاِيَّاكُمْ اَنْ تَسْتَهِينُوا بِاَحْكَامِ اللهِ وَلَوْ بِشَعْرَةٍ مِنْهَا؟ اِيَّاكُمْ اَلَّا تَاْخُذُوا شَعْرَةً مِنْهَا وَلَوْ كَانَتْ حَيْضاً اَوْ نِفَاساً اَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَحْمَلِ الْجَدّ؟ وَاِلَّا فَاِنَّ اللهَ سَيَكِيدُ عَلَيْكُمْ لِمَصْلَحَةِ اَعْدَائِكُمْ؟ بَعْدَ اَنْ كَانَ يَكِيدُ لِمَصْلَحَتِكُمْ ضِدَّ اَعْدَائِكُمْ؟ لِاَنَّ مُعْظَمَ النَّارِ مِنْ غَضَبِ اللهِ تَاْتِيكُمْ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ مِنْ هَذَا الْحَيْضِ وَالنّفَاسِ وَالطَّلَاقِ الَّذِي لَاتُلْقُونَ لَهُ بَالاً؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ وَلَاتَتَّخِذُوا آيَةَ اللهِ مِنَ الطَّلَاقِ هُزُواً؟ وَاِنَّمَا قَال{وَلَاتَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُواً(لِاَنَّ مَنِ اسْتَهْزَاَ بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنَ الطَّلَاقِ اَوِ الْحَيْضِ اَوِ النّفَاسِ اَوْ قَلَّلَ مِنْ شَاْنِهَا؟ فَقَدِ اسْتَهْزَاَ بِآيَاتِ اللهِ جَمِيعاً فِي مِيزَانِ اللهِ وَقَلَّلَ مِنْ شَاْنِهَا اَيْضاً؟ فَاِيَّاكُمْ اَنْ تَقَعُوا فِي مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ؟ وَالْاَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ؟ اِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ؟ وَمَاهُوَ بِالْهَزْلِ؟ اِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً؟ وَاَكِيدُ كَيْدَا؟ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ اَمْهِلْهُمْ رُوَيْدَا(فَاِيَّاكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ وَاَرْجُوكُمْ وَاَتَوَسَّلُ اِلَيْكُمْ؟ اَنْ تَرْحَمُوا اَنْفُسَكُمْ مِنْ عَذَابِ الله؟ وَصَدِّقُونِي فَاِنَّ الْاَمْرَ خَطِيرٌ جِدّاً وَلَيْسَ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ الَّتِي تَظُنُّونَهَا؟ فَاَرْجُوكُمْ اَنْ تَاْخُذُوا اَحْكَامَ اللهِ جَمِيعاً مَهْمَا كَانَتْ فَرْعِيَّة اَوْصَغِيرَة فِي نَظَرِكُمْ وَمَهْمَا اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ؟عَلَى مَحْمَلِ الْجَدِّ؟ وَاِلَّا فَاِنَّ عَاقِبَتَكُمْ سَتَكُونُ وَخِيمَةً جِدّاً؟ وَصَدِّقُونِي فَاِنَّ اللهَ جَعَلَ اَحْكَامَهُ الشَّرْعِيَّةَ غَرِيبَةً عَلَى عُقُولِكُمْ حَتَّى تَقَعُوا فِي فَخِّ غَضَبِهِ وَلَعْنَتِهِ فِي حَالِ اسْتِهْزَائِكُمْ بِهَا؟ لِاَنَّ جَهَنَّمَ بِحَاجَةٍ اِلَى كَثِيرٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْحَمِيرِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لِيَكُونُوا وَقُوداً لَهَا؟ وَلِيَكُونُوا مَادّةً لِسُخْرِيَةِ لَهِيبِهَا مِنْهُمْ وَهُمْ يَحْتَرِقُونَ فِي جَحِيمِهَا وَيَتَعَرَّضُونَ لِاَنْوَاعٍ لَاحَصْرَ لَهَا وَلَاعَدَّ مِنْ فُنُونِ التَّعْذِيبِ الْمُخْتَلِفَةِ الشَّدِيدَةِ اِلَى الْعَذَابِ الْاَشَدِّ فَالْاَشَدُّ مِنْهُ وَالْاَشَدّ اِلَى مَالَانِهَايَة؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ بَنِي اِسْرَائِيلَ كَانُوا يَظُنُّونَ اَنَّ اللهَ لَنْ يُحَاسِبَهُمْ عَلَى شَعْرَةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً مِنْ ذُنُوبِهِمْ نَطَقَ بِهَا بَعْضُ الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاءُ مِنْهُمْ؟ فَكَانَتْ سَبَباً فِي اِهْلَاكِهِمْ وَاِبَادَتِهِمْ عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهِمْ؟ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِذْ قُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمْ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِين؟ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ؟ فَاَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون( نَعَمْ اَخِي؟ اَرَاَدَ اللهُ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اَنْ يَقُولُوا حِطّة بِمَعْنَى يَاَرَبّ حُطَّ عَنَّا خَطَايَانَا؟ فَمَاذَا قَالَ الْمُسْتَهْزِؤُونَ مِنْهُمْ؟ قَالُوا؟ نَحْنُ اَحْبَابُ الله؟ نَحْنُ شَعْبُ اللهِ الْمُخْتَار؟ وَلَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ اِلَّا اَيَّاماً مَعْدُودَةً عَبَدَ فِيهَا آبَاؤُنَا وَاَجْدَادُنَا الْعِجْلَ؟ بَلْ مَابَيْنَنَا وَبَيْنَ اَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَنَا اِلَّا شَعْرَة وَهِيَ قَوْلُنَا حِطَّة؟ بَلْ هِيَ حَبَّةٌ صَغِيرَةٌ مِنَ القُمَّلِ لَاتَرَاهَا الْعَيْنُ الْمُجَرَّدَةُ فِي شَعْرَة؟ فَكَانَتْ هَذِهِ الشَّعْرَةُ مِنْ غُرُورِهِمْ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِمَغْفِرَةِ اللهِ سَبَباً فِي هَلَاكِهِمْ جَمِيعاً(وَمَنْ يَعْمَلْ(قَوْلاً اَوْ فِعْلاً{مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَال مِنْ بَعْضِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فيه؟ بَعْضُ النَّاسِ وَخَاصَّةً مِنْ اَهْلِ التَّصَوُّفِ؟ يَذْكُرُونَ حَزَازِير اَوْ فَوَازِير اَوْ اُحْجِيَاتٍ اَوْ اَلْغَازَ اَوْ رُمُوزٍ غَرِيبَة اَمَامَ بَعْضِ الْعُلَمَاء؟ رُبَّمَا جَعَلَتْهُمْ يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الْاِجَابَةِ عَلَيْهَا؟ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ بِالْجَوَاب؟ فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ شَرْعاً؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَوَّلاً اِذَا كَانَ مَايَذْكُرُونَهُ طَلَاسِمَ اَوْتَعْوِيذَاتٍ مِمَّا يَقُولُهُ السَّحَرَةُ مِنَ الْهُنُودِ الْهِنْدُوس الْكَفَرَة؟ وَاِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ الزَّنَادِقَةِ من اَصْحَابِ الطَّرِيقَةِ الرِّفَاعِيَّةِ خَاصَّةً وَالْاَحْبَاش؟ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ؟ اَوْ بَيْنَ الْاَخِ وَاَخِيهِ؟ اَوِ الْعَكْس؟ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ عَلَى طَرِيقَةٍ تَعَبُّدِيَّةٍ شَيْطَانِيَّةٍ مِنَ الْحُبِّ الْاَعْمَى الَّذِي لَايُرْضِي الله؟ فَيَنْبَغِي الذَّهَابُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اِلَى الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ الْمُخْتَصِّينَ فِي فَكِّ السِّحْرِ بِالْقُرْآنِ وَالرُّقَى الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَقْضِي عَلَى السِّحْرِ وَالْعَينِ وَالْحَسَدِ وَالْمَرَض؟ وَاَمَّا اِذَا كَانَ مَايَقُولُونَهُ مِنْ اُحْجِيَاتٍ هُوَ شَطَحَاتٌ ضَالَّة مُضِلَّة مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَبِي وَغَيْرِهِ؟ اَوْ اَقْوَالٌ غَرِيبَةٌ غَيْرُ مَاْلُوفَةٍ فِي الْحِكْمَةِ مِمَّا يُسَمَّى بِالْحِكَمِ الْعَطَائِيَّةِ وَغَيْرِهَا؟ فَيَنْبَغِي عَرْضُهَا عَلَى الْعُلَمَاءِ الْمُخْتَصِّينَ حَتَّى يَزِنُوهَا بِمِيزَانٍ صَحِيحٍ يَتَوَافَقُ مَعَ مِيزَانِ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ وَلَايَشْطَحُ وَلَايُغَرِّدُ بَعِيداً عَنْهُ وَخَارِجَ سِرْبِ التَّوْحِيدِ ثُمَّ يُجِيبُوا عَلَيْهَا؟ وَاَمَّا اِذَا كَانَ مَايَفْعَلُونَهُ مُجَرَّدَ حَزَازِير وَفَوَازِير مِنْ بَابِ الْفُكَاهَةِ وَالتَّسْلِيَةِ وَالْمُزَاحِ الْمَشْرُوعِ وَتَنْشِيطِ الْعَقْلِ وَالذَّاكِرَةِ وَالرِّيَاضَةِ الْعَقْلِيَّةِ؟ فَلَامَانِعَ مِنْ ذَلِكَ شَرْعاً بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونَ مَنْ يَفْعَلُهَا بَعِيداً عَنِ التَّعَالِي وَعَنِ التَّرَفُّعِ عَلَى الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ الْجَوَابَ عَلَى فَوَازِيرِهَا؟ وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يُثِيرُونَ اَذْهَانَهُمْ بِهَذِهِ الْحَرَكَات؟ فَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ؟ دَخَلَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ اَصْبَحْتَ يَاحُذَيْفَة؟ فَقَالَ اَصْبَحْتُ اُحِبُّ الْفِتْنَةَ؟ وَاَكْرَهُ الْحَقَّ؟ وَاُصَلّي بِغَيْرِ وُضُوء؟ وَعِنْدِي فِي الْاَرْضِ مِنَ الزِّينَةِ؟ مَالَيْسَ عِنْدَ اللهِ فِي السَّمَاء؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَيَالَطِيف؟ اِجْعَلِ الْبَلَاءَ تَصْرِيف وَخَفِيف؟ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي ظَاهِرُهُ كُفْرٌ صَرِيحٌ رَدِيف؟ يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَيُخِيف؟ وَالْمُصِيبَةُ الْاَكْبَرُ وَالْاَدْهَى وَالْاَمَرُّ وَالَّتِي تَجْعَلُ الدِّمَاءَ فِي الْعُرُوقِ تَغْلِي وَلَاتَتَوَقَّفُ عَنِ النَّزِيف؟ اَنَّ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ الرَّجُلُ الطَّاهِرُ الشَّرِيفُ الْعَفِيف؟ فَيَارَبّ نَجِّهِ وَنَجِّنَا مَعَهُ مِنْ لِسَانِ الْجَمَاعَاتِ التَّكْفِيرِيَّةِ الَّتِي تَدَّعِي التَّدَيُّنَ وَالصَّلَاحَ وَالتَّقْوَى وَلَاتَخْشَى وَلَاتَخَافُ؟ مِنَ اللهِ اَنْ يَعُودَ عَلَيْهَا بِهَذَا الْكُفْرِ الَّذِي تَتَّهِمُ بِهِ عِبَادَ اللهِ بِلَابَيِّنَةٍ وَلَادَلِيلٍ شَرْعِيٍّ حَنِيف؟ بَلْ بِتَوْزِيعٍ عَشْوَائِيٍّ مِنَ التُّهَمِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَااَصْلَ لَهَا وَلَامِيزَانَ لَهَا عِنْدَ اللهِ وَلَالِاَصْحَابِهَا وَلَاتَشْرِيف؟ نَعَمْ اَخِي فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لِحُذَيْفَة؟ اِغْتَاظَ مِنْهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً؟ وَبَيْنَمَا هُمَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَة؟ اِذْ دَخَلَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْه؟ اِسْمَعْ اِلَى مَايَقُولُهُ حُذَيْفَة؟ فَقَالَ عَلِيّ؟ مَاذَا كُنْتَ تَقُولُ يَاحُذَيْفَة؟ فَقَالَ سَاَلَنِي اَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ اَصْبَحْتَ؟ فَقُلْتُ لَهُ اَصْبَحْتُ اُحِبُّ الْفِتْنَة؟ وَاَكْرَهُ الْحَقَّ؟ وَاُصَلّي بِلَا وُضُوء؟ وَعِنْدِي فِي الْاَرْضِ مَالَيْسَ لِلهِ فِي السَّمَاء؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ؟ وَاَنَا اَقُولُ ذَلِكَ اَيْضاً؟ فَلَمَّا قَالَ عَلِيٌّ ذَلِكَ؟ هَدَاَتْ ثَوْرَةُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ وَكَيْفَ ذَلِكَ يَااَبَا الْحَسَن؟ فَقَالَ نَعَمْ اَصْبَحَ يُحِبُّ الْفِتْنَة؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ يُحِبُّ اَمْوَالَهُ وَاَوْلَادَه؟ وَالْفِتْنَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا حُذَيْفَة وَرَدَت فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا اَمْوَالُكُمْ وَاَوْلَادُكُمْ فِتْنَة(وَمَنْ مِنَّا لَايُحِبُّ مَالَهُ وَوَلَدَه؟ وَاَمَّا قَوْلُهُ اِنِّي اَكْرَهُ الْحَقّ؟ فَهُوَ بِمَعْنَى اَنَّهُ يَكْرَهُ الْمَوْت؟ وَمَنْ مِنَّا لَايَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ وَالْمَوْتُ حَقّ؟ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ(وَاَمَّا قَوْلُهُ اِنِّي اُصَلّي بِغَيْرِ وُضُوء؟ فَهُوَ بِمَعْنَى اَنَّهُ يُصَلّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّىء؟ وَفِعْلاً لَايُشْتَرَطُ لَهَا الْوُضُوء؟ بَلْ يَسْتَطِيعُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ اَنْ يَذْكُرُوا اللهَ وَيُصَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ اَيْضاً طِيلَةَ فَتْرَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِغَيْرِ اغْتِسَالٍ وَلَاوُضُوء؟ وَاَمَّا قَوْلُهُ لِي فِي الْاَرْضِ مَالَيْسَ لِلهِ فِي السَّمَاء؟ فَهُوَ بِمَعْنَى اَنَّ لَهُ وَلَداً؟ وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَمْ يَلِدْ؟ وَلَمْ يُولَد} فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ لَا اَبْقَانِي اللهُ فِي اَرْضٍ لَسْتَ فِيهَا يَااَبَا الْحَسَن؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَهَذِهِ الْحَزُّورَةُ اَوِ الْفَزُّورَةُ الَّتِي اَطْلَقَهَا حُذَيْفَة؟ رَائِعَةٌ جِدّاً؟ وَتُحَرِّكُ الْاَذْهَانَ؟ وَتُثِيرُهَا وَتُنَشِّطُهَا؟ وَهِيَ رِيَاضَةٌ عَقْلِيَّةٌ جَمِيلَةٌ جِدّاً؟ وَلَابَاْسَ بِهَا شَرْعاً؟ وَفِيهَا فُكَاهَة؟ وَفِيهَا تَرْوِيضٌ لِلْعَقْلِ التَّكْفِيرِيّ؟ حَتَّى لَايَتَسَرَّعَ فِي اِطْلَاقِ اَحْكَامِهِ عَلَى النَّاسِ هَكَذَا خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَق؟ وَذَلِكَ اَفْضَلُ بِكَثِيرٍ؟ مِنْ اَنْ نُرَوِّضَ الْعَقْلَ بِاُمُورٍ اُخْرَى؟ مِنَ اللَّهْوِ وَالْعَبَثِ الَّذِي يَقْتُلُ وَقْتَكَ اَخِي؟ وَيُضَيِّعُ عُمْرَكَ هَدْراً فِي سَبِيلِ الشَّيْطَان؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَهَذِهِ الْحَزَازِيرُ وَالْفَوَازِيرُ؟ اُمُورٌ مُسْتَسَاغَة؟ وَمِلْءُ فَرَاغِكَ وَوَقْتِكَ بِهَا؟ يُؤَدِّي اِلَى الْفَائِدَةِ الْكُبْرَى؟ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ السُّفَهَاءِ بِرِسَالَةٍ وَقِحَةٍ يَقُولُ فِيهَا؟ كُلُّ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ اَضَعُهُمْ فِي جَيْبِي الصُّغْرَى؟ وَاَقُولُ لِهَذَا وَاَمْثَالِهِ اَرْجُوكَ؟ اَنْ تَاْتِيَنَا اِلَى الْمَسْجِد؟ فَنَحْنُ بِانْتِظَارِكَ عَلَى اَحَرِّ مِنَ الْجَمْر؟ لِمَاذَا تَحْرِمُنَا مِنْ عِلْمِكَ اَيُّهَا الْعَزِيزُ الْغَالِي؟ تَعَالَ وَسَوْفَ اُجْلِسُكَ عَلَى الْكُرْسِيِّ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَسْؤُولِيَّتِي الشَّخْصِيَّة؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُفَقّهَنَا؟ فَهَلُمَّ اِلَيْنَا يَاحَبِيبَ الْقَلْبِ وَالرُّوح؟ لِاَنَّكَ مَادُمْتَ اَنْتَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَضَعَ الْعُلَمَاءَ جَمِيعاً فِي جَيْبِكَ الصُّغْرَى؟ فَلِمَاذَا اَنْتَ بَخِيلٌ بِالْعِلْمِ اِلَى هَذِهِ الدَّرَجَة؟ وَاللهِ حَرَامٌ عَلَيْكَ؟ اَنْ تَحْرِمَنَا مِنْ عِلْمِكَ؟ فَعَلّمْنَا وَاكْسَبْ ثَوَاباً عَظِيماً فِينَا؟ لِاَنَّ مَنْ كَتَمَ عِلْماً لَجَمَهُ اللهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ رَسُولِ الله؟ نَعَمْ اَخِي؟ ثِقْ بِاَنَّ اَمْثَالَ هَؤُلَاءِ لَايَفْقَهُونَ شَيْئاً؟ لِاَنَّ الْعَالِمَ الْحَقَّ مَهْمَا كَانَتْ شَهَادَاتُهُ عَالِيَة لَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَضَعَ اِلَّا قَلِيلاً مِنَ الْعِلْمِ فِي جَيْبِه؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَااُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ اِلَّا قَلِيلَا(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْعَالِمَ وَطَالِبَ الْعِلْمِ كُلَّمَا تَعَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئاً؟ وَمَهْمَا بَلَغَتْ دَرَجَةُ عِلْمِهِمَا؟ وَلَوِ اسْتَطَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اَنْ يَصِلَ اِلَى الْمَرِّيخِ بِعِلْمِهِ؟ وَلَوِ اسْتَطَعْتَ اَخِي اَنْ تَصِلَ اِلَى نَاطِحَاتِ السَّحَاب؟ اَوْ تَغُوصَ فِي اَعْمَاقِ الْبِحَار؟ فَعَلَيْكَ اَنْ تَعْلَمَ اَنَّهُ كُلَّمَا تَعَلَّمْتَ شَيْئاً؟ فَاِنَّكَ تَجْهَلُ اَشْيَاءَ اَكْثَرَ بِكَثِيرٍ هَائِلٍ جِدّاً مِمَّا تَعَلَّمْتَه؟ وَلِذَلِكَ اَخِي فَاِنَّكَ مَهْمَا حَفِظْتَ مِنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ؟ وَلَوْ حَصَلْتَ عَلَى اَعْلَى الشَّهَادَاتِ الْجَامِعِيَّةِ؟ فَقَدْ حَفِظْتَ شَيْئاً؟ وَغَابَتْ عَنْكَ اَشْيَاءُ؟ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى الْعَالِمِ وَطَالِبِ الْعِلْمِ اَنْ يَتَوَاضَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلهِ؟ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخْلِصاً فِي عِلْمِهِ لِوَجْهِ الله؟ وَقَدْ كَانَ الْاِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُول؟ طَلَبْنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللهِ؟ فَاَبَى اِلَّا اَنْ يَكُونَ لِله؟ وَكَانَ اَيْضاً مِنْ تَوَاضُعِهِ رَحِمَهُ اللهُ يَقُول؟ مَاجَادَلْتُ جَاهِلاً اِلَّا غَلَبَنِي؟ وَمَا جَادَلْتُ عَالِماً اِلّا غَلَبْتُه؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ نَسْمَعْ عَنْهُ يَوْماً مِنَ الْاَيَّامِ اَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْعُلَمَاءَ جَمِيعاً فِي جَيْبِهِ الصُّغْرَى؟ بَلْ كَانَ يُشِيرُ اِلَى قَبْرِ اَبِي حَنِيفَةَ وَيَقُول؟ لَمْ اَقْنُتْ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ احْتِرَاماً لِرَاْيِ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ اَنَّ رَسُولَ اللهِ لَمْ يَكُنْ يُوَاظِبُ يَوْمِيّاً عَلَى قَنُوتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي خِلَافَ ذَلِكَ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنِّي اَحْتَرِمُ رَاْيَه؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقُول؟ اِنِّي اَضَعُ رَسُولَ اللهِ وَوَرَثَتَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةِ الْاَنْبِيَاءِ اَيْضاً فِي جَيْبِي الصُّغْرَى؟ بَلْ كَانَ اَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ قَدْ اَوْصَى قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ؟ لَمْ تَصِلْ اِلَى مَسَامِعِي جَمِيعُ اَحَادِيثِ رَسُولِ الله؟ فَاِذَا رَاَيْتُمْ رَاْيِي قَبْلَ مَوْتِي وَبَعْدَهُ يُخَالِفُ حَدِيثَ رَسُولِ الله؟ فَاعْمَلُوا بَحَدِيثِ رَسُولِ الله؟ وَاضْرِبُوا بِرَاْيِي عُرْضَ الْحَائِط؟ رَحِمَكَ اللهُ يَااَبَا حَنِيفَة؟ مَااَفْقَهَكَ فِي حَيَاتِك؟ وَمَااَفْقَهَكَ بَعْدَ مَوْتِك؟ وَمَااَفْقَهَكَ حَيّاً وَمَيِّتاً؟ حَتَّى اَنَّكَ كُنْتَ وَمَازِلْتَ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ تَسْتَحِقُّ وَبِجَدَارَة؟ لَقَبَ الْاِمَامِ الْاَعْظَمِ فِي الْفِقْهِ الْاِسْلَامِيّ؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْعُلَمَاءِ الْقُدَامَى؟ وَكَيْفَ كَانُوا يُكْرِمُونَ بَعْضَهُمْ غَايَةَ الْاِكْرَام؟ حَتَّى اَنَّ الْاِمَامَ مَالِك؟ كَانَ يَحْتَفِي جِدّاً بِغَايَةِ الْحَفَاوَةِ وَالتَّكْرِيم بِضَيْفِهِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى؟ وَيَقُولُ لِزَوْجَتِهِ عَلّلِي اَوْلَادَنَا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ؟ حَتَّى اَسْتَطِيعَ اَنْ اُكْرِمَ ضَيْفاً عَزِيزاً غَالِياً عَلَى قَلْبِي؟ مَلَاَ الدُّنْيَا بِعِلْمِهِ؟ وَهُوَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله؟ وَانْظُرْ اَخِي فِي اَيَّامِنَا اِلَى اَمْثَالِ هَذَا السَّفِيهِ الَّذِي يَضَعُ الْعُلَمَاءَ فِي جَيْبِهِ الصُّغْرَى؟ وَانْظُرْ اِلَى اِهَانَتِهِ وَاسْتِهَانَتِهِ بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فَاِذَا وَصَلْنَا اِلَى هَذِهِ الْحَال؟ فَهَذَا اَمْرٌ خَطِيرٌ جِدّاً؟ اَنْ يَتَعَالَى اَمْثَالُ هَذَا الْاَحْمَقِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَيَحْتَقِرُهُمْ؟ لِاَنَّ مَنْ قَالَ اِنِّي اَعْلَمُ كُلَّ شَيْء؟ فَقَدْ جَهِلَ كُلَّ شَيْء؟ لِاَنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ فَقَطْ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ سُبْحَانَه؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم(اِلَى اَنْ نَصِلَ اِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ عَزَّ وَجَلّ؟ وَلِذَلِكَ اَخِي اِيَّاكَ اَنْ تُصَدِّقَ اِنْسَاناً يَقُولُ لَكَ اَنَا اَعْلَمُ النَّاس؟ لِاَنَّكَ اَخِي قَدْ تُصَادِفُ اِنْسَاناً اَقَلَّ رُتْبَةً مِنْكَ؟ يَعْلَمُ عُلُوماً لَايَعْلَمُهَا مَنْ هُوَ اَعْلَى مِنْهُ؟ بِدَلِيلِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي رَافَقَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ فَمَنْ هُوَ اَعْلَمُ وَاَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ اَخِي؟هَلْ هُوَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ؟ اَمْ مُوسَى؟ طَبْعاً اِنَّهُ مُوسَى يَا اَخِي؟ لَكِنْ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ الْخَضِرِ؟ لَايُوجَدُ عِنْدَ مُوسَى؟ وَلِذَلِكَ اَخِي لَاتَعْجَبْ؟ فَقَدْ يَكُونُ مَنْ هُوَ اَقَلُّ مِنْكَ عِلْماً؟ عِنْدَهُ شَيْءٌ مَا مِنَ الْعِلْمِ اَوِ الْمَوَاهِبِ؟ لَيْسَ مَوْجُوداً عِنْدَك؟ وَلِذَلِكَ لَابُدَّ مِنْ تَوَاضُعِكَ اَخِي اَمَامَ خَالِقِكَ وَمَخْلُوقَاتِهِ؟ مِنْ اَجْلِ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِحِكْمَةٍ بَالِغَة؟ وَمِنْ دُونِ غُرُورٍ وَلَا جُنُونٍ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالتَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ وَالِاسْتِعْلَاءِ وَالْفَسَادِ فِي الْاَرْضِ كَمَا فَعَلَ مَجَانِينُ الذَّرَّةِ حِينَمَا اخْتَرَعُوهَا؟ فَقَادَهُمْ غُرُورُهُمْ اِلَى تَدْمِيرِ هِيرُوشِيمَا وَنَاجَازَاكِي وَاِبَادَتِهِمَا عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهِمَا؟ وَكَمَا فَعَلَ الْمُجْرِمُونَ مِنْ مَجَانِينِ الْكِيمَاوِي؟ حِينَمَا جَعَلُوا الشَّعْبَ السُّورِي حَقْلاً لِتَجَارِبِهِمْ وَالتَّنْفِيسِ عَنْ اَحْقَادِهِمْ وَضَغَائِنِهِمْ؟ نَعَمْ اَخِي؟ لَابُدَّ مِنْ تَوَاضُعِكَ لِمَنْ هُوَ اَقَلُّ مِنْكَ عِلْماً وَمَرْتَبَة؟ وَقَدْ عَلَّمَ اللهُ سَبْحَانَهُ نَبِيَّهُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ دُرُوساً فِي التَّوَاضُعِ لِمَخْلُوقَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِنَ الْحَشَرَاتِ؟ وَلَوْ كَانَتْ مِنَ الطُّيُور؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ النَّمْلَة{قَالَتْ نَمْلَةٌ يَااَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَايَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَايَشْعُرُون(فَهَلْ اَخَذَ سُلَيْمَانُ النَّمْلَةَ وَمَنْ مَعَهَا مِنْ اُمَّةِ النَّمْلِ وَوَضَعَهَا جَمِيعاً فِي جَيْبِهِ الصُّغْرَى؟ لَا وَرَبِّ مُحَمَّد بَلْ{تَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ اَوْزِعْنِي اَنْ اَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي اَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَاَنْ اَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاه وَاَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين(نَعَمْ اَخِي؟ وَلَمْ يَقِفْ تَوَاضُعُهُ عَلَيْهِ السَّلَام لِلهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ مِنَ النَّمْلَة؟ بَلْ تَجَاوَزَهُ اِلَى جُنْدِيٍّ مِنْ جُنُودِهِ اَيْضاً وَهُوَ الْهُدْهُد؟ حِينَمَا قَالَ لِسُلَيْمَان{اَحَطْتُّ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَاٍ بِنَبَاٍ يَقِين(فَمَاذَا قَالَ سُلَيْمَانُ الَّذِي اَعْطَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ مُلْكاً لَايَنْبَغِي لِاَحَدٍ مِنْ بَعْدِه{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْاِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُون( هَلْ قَالَ لَهُ اَنَا اَضَعُ الطُّيُورَ كُلُّهَا فِي جَيْبِي الصُّغْرَى؟ وَمَنْ اَنْتَ اَيُّهَا الطَّيْرُ الْهُدْهُدُ حَتَّى تُعَلّمَنِي؟ وَمَنْ اَنْتَ حَتَّى تُحِيطَ بِمَا لَمْ اُحِطْ بِهِ عِلْماً كُنْتُ اَجْهَلُه؟ هَلْ نَسِيتَ نَفْسَك؟ هَلْ نَسِيتَ اَنَّكَ جُنْدِيٌّ مِنْ جُنُودِي اَسْتَطِيعُ اَنْ اَنْتُفَ لَكَ رِيشَكَ وَاَنْتَ حَيّ؟ هَلْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ يَا مَشَايِخَ التَّصَوُّفِ وَالْكَهَنُوتِ الطَّوَاغِيتِ الْمُتَعَجْرِفِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ عَلَى خَلْقِ الله؟هَلْ قَالَ لَهُ اِيَّاكَ اَنْ تَعْتَرِضَ فِي مَجْلِسِنَا وَاِلَّا سَتَنْطَرِد؟ هَلْ قَالَ لَهُ يَاعَلِي؟ شِيعْتَكْ فِي خَطَرْ يَاعَلِي؟ اُنْظُرْ يَاعَلِي؟ اِلَى النَّمْلَةِ وَالْهُدْهُدِ يَاعَلِي؟ وَلَمْ يَعُدْ يَنْقُصُنَا اِلَّا يَعْفُور الْحِمَار يَاعَلِي؟ حَتَّى يَاْتِيَ اِلَيْنَا فِي مَجَالِسِنَا وَيُعَلّمَ شِيعَتَكَ يَاعَلِي؟ وَمِنْ دُونْ اِشِي نَحْنُ حَمِير مُغَيَّبُون يَاعَلِي؟ فَنَرْجُوكَ يَاعَلِي؟ اَنْ يَبْقَى شِيعَتُكَ حَمِيراً مُغَيَّبِينَ فِي حُبِّكَ يَاعَلِي؟ وَفِي ثَارَاتِ ابْنِكَ الْحُسَيْن وَزَيْنَب وَزَوْجَتِكَ فَاطِمَة يَاعَلِي؟ وَاِلَّا فَاِنَّ الْخُمْسَ وَالْمُتْعَةَ سَتَضِيعُ مِنَّا يَاعَلِي؟ وَسَنَشْحَدُ وَنَتَسَوَّلُ وَنَسْتَجْدِي عَلَى اَبْوَابِ اَهْلِ السُّنَّةِ يَاعَلِي؟ وَسَتَضِيعُ مِنَّا الْمُتْعَةُ بِدِمَائِهِمْ وَاَمْوَالِهِمْ وَاَعْرَاضِهِمْ يَاعَلِي؟ هَلْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ اَيُّهَا الْكَهَنُوتُ وَالطَّاغُوتُ الشِّيعِيُّ الْمُجْرِم؟ لَا وَرَبِّ اِبْرَاهِيم؟ بَلْ قَالَ لَهُ {سَنَنْظُرُ اَصَدَقْتَ اَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِين(قَدْ يَقُولُ قَائل؟ هَذَا هُدْهُدٌ مُؤْمِنٌ صَادِقٌ؟ يُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللهِ قَائِلاً{اِنِّي وَجَدْتُّ امْرَاَةً تَمْلِكُهُمْ وَاُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيم؟ وَجَدْتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَايَهْتَدُون؟ اَلَّا يَسْجُدُوا لِلهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْئَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضِ وَيَعْلَمُ مَاتُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللهُ لَااِلَهَ اِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم(فَكَيْفَ يَتَعَامَلُ سُلَيْمَانُ مَعَ الْهُدْهُدِ الصَّادِقِ عَلَى اَنَّهُ فَاسِق بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام{سَنَنْظُرُ اَصَدَقْتَ اَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِين(كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَقُول اَلْاَصْلُ فِي الْاِنْسَانِ الْمُكَلَّفِ الْقَابِلِ لِلْخَيْرِ وَالشّرّ هُوَ الْبَرَاءَة؟ فَمِنْ بَابِ اَوْلَى اَنْ يَكُونَ الْاَصْلُ فِي الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ الْبَرَاءَةُ اَيْضاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي اَوّلاً؟ اَلْفِسْقُ فِي الْاِسْلَام ثَلَاثَةُ اَنْوَاع؟ اَلْنَّوْعُ الْاَوَّل فَاسِق كَافِر وَمُنَافِق بِنِفَاقِ وَكُفْرِ الْعَقِيدَةِ وَالْعَمَلِ مَعاً مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَاَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي فَهُوَ فَاسِق مُؤْمِن كَاذِب مُنَافِق بِنِفَاقِ الْعَمَلِ فَقَطْ كَالَّذِي يَرْمِي الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ مَثَلاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً اَبَداً وَاُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ اِلَّا الَّذِينَ تَابُوا( وَهَذَا غَيْرُ مُرْتَدٍّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَاَمَّا النَّوْعُ الثَالِثُ فَهُوَ فَاسِقٌ مُؤْمِن لَايُصَدَّقُ وَلَايُكَذّبُ اِلَى اَنْ يَظْهَرَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فِي صِدْقِهِ اَوْ كَذِبِهِ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ اَسْلَمُوا مِنَ الْيَهُودِ وَكَانُوا يَحْمِلُونَ فِي جُعْبَتِهِمْ مِنَ الْاِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي لَاتُصَدَّقُ وَلَاتُكَذَّبُ اِلَى اَنْ يَحْسِمَ الْعُلَمَاءُ اَمْرَهَا فِي صِدْقِهَا اَوْ كَذِبِهَا؟ وَهَذَا اَيْضاً غَيْرُ مُرْتَدّ وَهُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ الَّذِي اَرَادَهُ سُلَيْمَانُ فِي تَعَامُلِهِ مَعَ الْهُدْهُد؟ ولذلك فَاِنَّ سُلَيْمَانَ وَاللهُ اَعْلَمُ؟ تَعَامَلَ مَعَ الْهُدْهُدِ عَلَى اَنَّهُ فَاسِق؟ بِسَبَبِ غِيَابِهِ مِنْ دُونِ اِذْنِ سُلَيْمَان عَنْ حُضُورِ اجْتِمَاعٍ عَسْكَرِيٍّ طَارِىءٍ طَلَبَهُ سُلَيْمَانُ لِلطُّيُورِ جَمِيعاً؟ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْهُدْهُدُ غَائِباً عَنِ الِاجْتِمَاعِ لِاَنَّهُ يَتَجَسَّسُ لِمَصْلَحَةِ الْاَعْدَاءِ وَيُرْسِلُ الْكُتُبَ وَالرَّسَائِلَ لِيَنْقُلَ الْاَخْبَارَ اِلَيْهِمْ مِمَّا جَعَلَهُ مَوْضِعَ شُبْهَةٍ لِسُلَيْمَان بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لَااَرَى الْهُدْهُدَ اَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِين؟ لَاُعَذّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً اَوْ لَاَذْبَحَنَّهُ اَوْ لَيَاْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين(وَاَمَّا قَوْلُكَ هَلْ يَصِحُّ اَنْ نَتَعَامَلَ مَعَ الْحَيَوَانِ عَلَى اَنَّهُ فَاسِق؟ فَاَقُولُ نَعَمْ؟ بِدَلِيلِ اَنَّ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام تَعَامَلَ مَعَ الْفَاْرَةِ عَلَى اَنَّهَا فُوَيْسِقَة كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيح؟ وَاَمَّا قَوْلُكَ عَنِ الْحَيَوَانِ اَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّف؟ فَهَذَا غَيْرُ صَحِيح؟ وَالصَّحِيحُ اَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالتَّسْبِيحِ بِحَمْدِ الله؟ مِنْ اَجْلِ اِقَامَةِ اَرْكَانِ الْاِيمَانِ وَالْاِسْلَام؟ وَهَذَا التَّسْبِيحُ لِلْحَيَوَانِ؟ يَقُومُ مَقَامَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْاِنْسَان؟ وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلطُّيُورِ فَاِنَّهَا تَصُفُّ اَجْنِحَتَهَا مِنْ اَجْلِ اِقَامَةِ الصَّلَاة؟ وَهَذَا الصَّفُّ لِاَجْنِحَةِ الطُّيُورِ يَقُومُ مَقَامَ صَفِّ الصُّفُوفِ مِنْ اَجْلِ اِقَامَةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْاِنْسَان بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى بِالنِّسْبَةِ لِلطُّيُورِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الْكَوْنِيَّة{اَلَمْ تَرَ اَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْاَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَه وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون( وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصِّيَامِ؟ فَاِنَّنَا نُشَاهِدُ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ؟ تَصُومُ بِطَرِيقَةٍ خَاصَّةٍ كَلَّفَهَا اللهُ بِهَا وَقَدْ تَخْتَلِفُ عَنْ طَرِيقَةِ الْاِنْسَانِ فِي صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَان؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاة؟ فَاِنَّنَا نَرَى الطَّيْرَ مَثَلاً تُطْعِمُ فِرَاخَهَا؟ وَذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الزَّكَاة؟ وَنَرَى مَثَلا{اَلْاَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْىءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَاْكُلُون؟ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُون؟ وَتَحْمِلُ اَثْقَالَكُمْ اِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ اِلَّا بِشِقِّ الْاَنْفُس اِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيم؟ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة{وَذَلِكَ اَيْضاً يَقُومُ مَقَامَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ الْاَلِيفَةِ عَلَى الْاِنْسَان؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَجِّ؟ فَاِنَّنَا نَرَى الطَّيْرَ بِاُمِّ اَعْيُنِنَا تَحُومُ حَوْلَ الْكَعْبَة؟ وَذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْحَجّ؟ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اَنَّ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ مُكَلَّفَةٌ بِالْاَوَامِر وَالنَّوَاهِي؟ عَلَى طَرِيقَةٍ مُعَيَّنَةٍ خَاصَّةٍ بِهَا اَرَادَهَا اللهُ لَهَا؟ وَتَتَّفِقُ مَعَ غَرِيزَتِهَا؟ وَتَخْتَلِفُ عَنِ الطَّرِيقَةِ التَّعَبُّدِيَّةِ الَّتِي اَرَادَهَا اللهُ لِلْاِنْسَانِ وَالْجَانِّ بِمَا يَتَّفِقُ مَعَ عَقْلِهِمَا؟ بِدَلِيلِ اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقْتَصُّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ الَّتِي نَطَحَتْهَا بِقُرُونِهَا يَوْمَ الْقِيَامَة؟ ثُمَّ يَقُولُ لَهَا كُونِي تُرَابَا؟ وَاَمَّا قَوْلُكَ لِمَاذَا تَعَامَلَ سُلَيْمَانُ مَعَ الْهُدْهُدِ الطَّيْرِ الْمُؤْمِنِ الصَّادِقِ عَلَى اَنَّهُ فَاسِق؟ فَاَقُولُ لَكَ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَاٍ فَتَبَيَّنُوا؟ اَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ؟ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَافَعَلْتُمْ نَادِمِين(وَاَمَّا قَوْلُكَ لِمَاذَا تَعَامَلَ مَعَ الصَّادِقِ عَلَى اَنَّهُ فَاسِق وَالْاَصْلُ فِي الْاِنْسَانِ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْفِسْقِ وَالْكَذِب؟ فَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ نَعَمْ اَلْاَصْلُ فِي الْاِنْسَانِ الْبَرَاءَة سَوَاءٌ كَانَ مُؤْمِناً اَوْ كَافِراً؟ اِلَّا فِي نَقْلِ الْاَخْبَار؟ فَقَدْ يَكْذِبُ الْاِنْسَانُ وَلَوْ كَانَ صَادِقاً فِي قَوْلِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ اِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ اِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ اِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون(وَقَدْ يَصْدُقُ الْاِنْسَانُ وَلَوْ كَانَ كَاذِباً فِي دِينِهِ وَعَقِيدَتِهِ وَاَكْثَرِ اَقْوَالِه بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ؟ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْء(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ؟ يَطْلُبُ مِنْ جَمِيعِ الشُّهُودِ مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ؟ اَنْ يَضَعُوا اَيْدِيَهُمْ جَمِيعاً عَلَى كِتَابِ اللهِ؟ قَبْلَ اَنْ يُدْلُوا بِشَهَادَاتِهِمْ فِي نَقْلِ أيِّ اَخْبَارٍ اِلَى الْمَحْكَمَةِ حَوْلَ الْقَضِيَّةِ الَّتِي يُحَقّقُ فِيهَا الْقَاضِي؟؟ نَعَمْ اَخِي نَحْنُ دَائِماً مَطْلُوبٌ مِنَّا اَخِي؟ اَنْ نَزْدَادَ عِلْماً عَلَى عِلْمٍ؟ وَاَنْ نَزْدَادَ تَقْوَى عَلَى تَقْوَى؟ بَلْ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ اَمَرَ رَسُولَ اللهِ بِقَوْلِهِ{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله(نَعَمْ اَخِي؟ اِيَّاكَ اَنْ تَتَكَبَّرَ اِذَا قَالَ لَكَ اِنْسَانٌ مَا اِتَّقِ الله؟ لِاَنَّ اَفْضَلَ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى يَقُولُ لَهُ رَبُّهُ{ يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ؟ وَلَاتُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِين(قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ كَيْفَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِاَتْقَى خَلْقِ اللهِ اتَّقِ الله؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَخِي بِمَعْنَى؟ يَااَيَّهَا النَّبِيُّ؟ عَلَيْكَ اَنْ تَزْدَادَ تَقْوَى عَلَى تَقْوَى؟ وَلَوْ كُنْتَ مِنْ اَتْقَى خَلْقِ الله؟ لِاَنَّكَ مَهْمَا فَعَلْتَ؟ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ سَبِيلاً اَنْتَ وَلَاغَيْرُكَ مِنْ خَلْقِ اللهِ جَمِيعاً؟ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى{اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ(وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنِّي اَقْبَلُ مِنْكَ مَاوَرَدَ فِي قَوْلِي{فَاتَّقُوا اللهَ مَااسْتَطَعْتُمْ( وَعَلَيْكَ اَنْ تَعْلَمَ اَنَّ الكُلَّ سَيَنْدَمُ عَلَى تَقْصِيرِهِ وَتَفْرِيطِهِ فِي جَنَابِ الله؟ بَلْ اِنَّ اَتْقَى خَلْقِ اللهِ سَيَنْدَمُ اَيْضاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى عَدَمِ زِيَادَتِهِ فِي تَقْوَى الله؟ لِاَنَّ مَاعِنْدِي مِنَ النَّعِيمِ قَابِلٌ لِلزِّيَادَةِ اِلَى مَالَانِهَايَة؟ وَلَنْ يَحْصَلَ عَلَيْهِ اَحَدٌ اِلَّا بِمِقْدَارِ اِيمَانِهِ وَتَقْوَاه؟ وَلَنْ اَزِيدَ اِلَّا لِمَنْ يَزِيدُ اِخْلَاصاً لِوَجْهِي الْكَرِيمِ فِي عَمَلِهِ وَتَقْوَاه؟ نَعَمْ اَخِي لِاَنَّ الْاِيمَانَ وَالتَّقْوَى قَابِلَانِ لِلزِّيَادَةِ حَتَّى عِنْدَ الرُّسُل؟ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ حَتَّى وَلَوِ اتَّقُوُا الله؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانُوا مِنْ اَتْقَى خَلْقِ الله؟ فَهَذَا لَايَمْنَعُهُمْ مِنْ اِمْكَانِيَّتِهِمْ؟ فِي اَنْ يَزْدَادُوا تَقْوَى عَلَى تَقْوَى؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَهَذَا هُوَالْمَعْنَى الَّذِي اَرَادَهُ اللهُ مِنَ التَّقْوَى لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَهُوَ اَنْ يَزْدَادَ فِي تَقْوَاهُ وَتَقَرُّبِهِ اِلَى الله؟ وَاَمَّا الْمَعْنَى الْآخَرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله(فَهُوَ بِمَعْنَى يَااَيُّهَا النَّبِيُّ ثَابِرْ وَتَابِعْ عَلَى تَقْوَى اللهِ مِنْ دُونِ تَوَقُّف؟ وَعَلَيْكَ اَنْ تَعْلَمَ اَيُّهَا النَّبِيّ؟ اَنَّ مِنْ عَدَمِ تَقْوَى الله؟ اَنْ تُطِيعَ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِين؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة؟ وَهُوَ الْمُثَابَرَةُ وَالْمُتَابَعَةُ عَلَى تَقْوَى الله؟ وَاَمَّا الْمَعْنَى الثَّالِثُ{يَااَيَّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله(فَهُوَ بِمَعْنَى؟ اَنَّ اللهَ يُخَاطِبُنَا فِي شَخْصِ نَبِيِّنَا رَسُولِ اللهِ بِقَوْلِهِ؟ يَااُمَّةَ مُحَمَّد؟ اِتَّقُوا اللهَ؟ وَاسْتَمِرُّوا عَلَى التَّقْوَى؟ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِه(قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ اَوَلَيْسُوا مُؤْمِنِينَ بِاللهِ وَرَسُولِه؟ فَلِمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ آمِنُوا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ بَلَى هُمْ مُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِه؟ بِدَلِيلِ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا(وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ {آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ(بِمَعْنَى ثَابِرُوا وَتَابِعُوا وَاسْتَمِرُّوا وَلَاتَتَوَقَّفُوا عَنِ الْاِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ وَلَا تَجْعَلُوا الْاِيمَانَ يَتَضَعْضَعُ فِي قُلُوبِكُمْ؟وَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَالدُّعَاءَ دَائِماً بِقَوْلِكُمْ اَللَّهُمَّ يَامُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى الْاِيمَان؟ لِاَنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ اِصْبَعَيْنِ مِنْ اَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ مِنَ الْاِيمَانِ اِلَى الْكُفْرِ اَوْ مِنَ الْكُفْرِ اِلَى الْاِيمَان؟ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ وَاسْاَلُوا اللهَ الثَّبَاتَ وَحُسْنَ الْخِتَامِ؟ وَالْمَوْتَ عَلَى الْاِيمَانِ؟ وَدُخُولَ الْجَنَّةِ بِسَلَامٍ وَاَمَانٍ؟ بِلَا حِسَابٍ وَلَاعِتَابٍ وَلَاغَمْسٍ فِي نِيرَانِ جَهَنَّمَ وَلَوْ دَقِيقَتَان؟ بَلْ وَلَوْ ثَانِيَتَان؟ وَلَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَنْفِي اِيمَانَهُمُ الْقَدِيم وَيَطْلُبُ مِنْهُمْ اِيمَاناً جَدِيداً لَا؟ اِلَّا اِذَا كَانُوا مِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَطْلُبُ مِنْهُمْ سُبْحَانَهُ اَنْ يُصَحِّحُوا اِيمَانَهُمْ بِمُوسَى وَعِيسَى؟ وَاَقُولُ بِمُوسَى لِاَنَّ مَنْ اَنْكَرَ مُحَمَّداً لَايَنْفَعُهُ اِيمَانُهُ بِمُوسَى وَلَوْ كَانَ اِيمَاناً صَحِيحاً؟ وَاَمَّا عِيسَى؟ فَلَايَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنَ الْمُسْلِمِين عَلَى اَنَّ اِيمَانَ جَمِيعِ النَّصَارَى بِعِيسَى فِي اَيَّامِنَا هُوَ اِيمَانٌ بَاطِلٌ لَااَسَاسَ لَهُ مِنَ الصِّحَّةِ اَبَداً؟ لِاَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ اَنَّ عِيسَى هُوَ الله؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَنْهُ ابْنُ الله؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْاَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ؟ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنْ هَرْطَقَاتِهِمْ وَتَجْدِيفِهِمْ وَكُفْرِهِمْ؟ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى رِجَالِ دِينِهِمْ؟ وَعَلَى مَجَامِعِهِمْ وَعَلَى رَاَسِ هَذِهِ الْمَجَامِعِ مَجْمَعِ نِيقْيَة الْمَشْؤُوم الَّذِي اسْتَقَوْا مِنْهُ اَكْثَرَ ضَلَالَاتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ؟ وَيُسَمُّونَهُ مَجْمَعَ الْاَمَانَةِ الْكُبْرَى الْخَطِيرَة؟ وَمَاهُوَ فِي حَقِيقَتِهِ اِلَّا مَجْمَعَ الْخِيَانَةِ الْعُظْمَى الْحَقِيرَة؟ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِين؟ اِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ بِمَعْنَى؟ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُخَاطِبُ اَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِقَوْلِهِ؟ يَامَنْ آمَنْتُمْ بِمُوسَى وَبِعِيسَى؟ آمِنُوا بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَمِيعاً؟ أيِ اسْتَمِرُّوا عَلَى الْاِيمَانِ وَلَايَتَضَعْضَعِ الْاِيمَانُ فِي نُفُوسِكُمْ؟ نَعَمْ اَخِي اَحْيَاناً يَمُرُّ الْمُسْلِمُونَ بِابْتِلَاءَاتٍ وَامْتِحَانَاتٍ رُبَّمَا تُزَعْزِعُ الْاِيمَانَ وَالْعَقِيدَةَ عِنْدَهُمْ؟ وَلَانَسْمَعُ مِنْهُمْ اِلَّا الشَّكْوَى مِنَ اللهِ؟ لَا اِلَى اللهِ؟ وَالتَّذَمُّرَ وَالضَّجَرَ وَالْيَاْسَ وَالْاِحْبَاطَ وَالْمَلَلَ وَالْجَزَعَ وَتَثْبِيطَ الْهِمَمِ؟ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي قَوْلِهِمْ؟ اُنْظُرُوا اِلَى اَهْلِ الدُّنْيَا اَيْنَ هُمْ؟ وَاِلَى اَهْلِ الْآخِرَةِ اَيْنَ هُمْ؟ اُنْظُرُوا اِلَى اَهْلِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَعِيشُونَ بَاللُوش كَمَا يُقَال عَلَى بِسَاطِ الرِّيحِ؟ وَيَمْلِكُونَ عَفَارِيتَ الْجِنِّ الَّتِي كَانَ يَمْلِكُهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَام؟ وَتَتَحَقَّقُ اَكْثَرُ اَمَنِيَاتِهِمْ؟ وَانْظُرُوا اِلَى اَهْلِ الْآخِرَةِ وَهُمْ يَعِيشُونَ فِي الْحَضِيض؟ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُثَارُ فِي اَذْهَانِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاس؟ لَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي اَهْلِ الدُّنْيَا اَبَداً{وَلَاتُعْجِبْكَ اَمْوَالُهُمْ وَلَااَوْلَادُهُمْ؟ اِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ اَنْ يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؟ وَتَزْهَقَ اَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون(لَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي اَهْلِ الدُّنْيَا اَبَداً{قُلْ لَايَسْتَوي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ؟ وَلَوْ اَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيث(لَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي اَهْلِ الدُّنْيَا اَبَداً{فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا؟ وَمَالَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاق( وَمَالَهُمْ نَّصِيبُ مِنْ رَحْمَةِ الله؟ بَلْ لَهُمْ يَانَصِيب مِنَ الْقِمَار وَالْحَظّ الشَّيْطَانِي الْبَائِسِ الْعَاثِر؟ لَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اَيْضاً اِلَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى فِي اَهْلِ الدُّنْيَا {وَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً اَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا{وَاَمَرْنَاهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْنَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا{فَفَسَقُوا فِيهَا؟ فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرَا؟ وَكَمْ اَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوح؟ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيرَا؟ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَانَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ؟ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُورَا؟ وَمَنْ اَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ؟ فَاُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورَا؟ كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ؟ وَمَاكَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورَا؟ اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ(فِي مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَكِنْ{وَلَلْآخِرَةُ اَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَاَكْبَرُ تَفْضِيلَا؟ لَاتَجْعَلْ مَعَ اللهِ اِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولَا(لَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي اَهْلِ الدُّنْيَا اَبَداً{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ اِلَيْهِمْ اَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَايُبْخَسُون؟ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ اِلَّا النَّارُ؟ وَحَبِطَ مَاصَنَعُوا فِيهَا؟ وَبَاطِلٌ مَاكَانُوا يَعْمَلُون(وَلَايَنْظُرُونَ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى اَيْضاً فِي اَهْلِ الدُّنْيَا{وَلَاَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ اَعْجَبَتْكُمْ{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ اَعْجَبَكُمْ؟ اُولَئِكَ يَدْعُونَ اِلَى النَّارِ؟ وَاللهُ يَدْعُو اِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِاِذْنِه(لَكِنَّهُمْ لَايَنْظُرُونَ اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي اَهْلِ الدُّنْيَا اَبَداً{وَاِذَا رَاَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ اَجْسَامُهُمْ؟ وَاِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ؟ كَاَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَة(تَنْتَظِرُ اِحْرَاقَهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ رَغْماً عَنْهَا لِتَكُونَ وَقُوداً لَهَا{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ؟ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ؟ قَاتَلَهُمْ اللهُ؟ اَنَّى يُؤْفَكُون(نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا(بِمَعْنَى اِيَّاكُمْ اَنْ يُثَارَ فِي اَذْهَانِكُمْ مِثْلُ هَذَا التَّفْكِيرِ الْيَائِسِ مِنْ رَحْمَةِ الله؟ لِاَنَّ اَهْلَ الدُّنْيَا لَايَسْتَحِقُّونَ اَنْ تُقَارِنُوهُمْ قِيدَ اَنْمُلَةٍ مَعَ اَهْلِ الْآخِرَة؟ فَاَيْنَ ثَرَى اَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ ثُرَيَّا اَهْلِ الْآخِرَة؟ وَلِذَلِكَ عَلَيْكُمْ اَنْ تُؤْمِنُوا وَتَثْبُتُوا عَلَى الْاِيمَانِ اَيْضاً؟ وَتَثْبُتُوا عَلَى يَقِينِكُمْ اَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ اَيْضاً؟ وَاَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ؟ وَاَنَّ اللهَ تَعَالَى مَعَ عِبَادِهِ الَّذِينَ اَخْلَصُوا اَعْمَالَهُمْ وَنِيَّاتِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِين؟ وَلِذَلِكَ{ اِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُه؟ وَتِلْكَ الْاَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس؟ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا؟ وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ؟ وَاللهُ لَايُحِبُّ الظَّالِمِين؟ وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا؟ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين؟ اَمْ حَسِبْتُمْ اَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِين(مَاذَا دَهَاكُمْ؟ هَلْ اَصْبَحْتُمْ تَكْرَهُونَ الْمَوْتَ اِلَى دَرَجَةٍ كَبِيرَةٍ جَعَلَتْكُمْ تَكْرَهُونَ لِقَاءَ اللهِ وَهُوَ رَاضٍ عَنْكُمْ اِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْض؟ مَاذَا دَهَاكُمْ{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ اَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَاَيْتُمُوهُ وَاَنْتُمْ تَنْظُرُون} نَعَمْ اَخِي؟ لَابُدَّ مِنَ الْاِيمَانِ وَتَقْوَى اللهِ لِي وَلَكَ وَلِخَيْرِ خَلْقِ اللهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله(تَرَاهُ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى اِذَا قُلْتَ لَهُ اتَّقِ اللهَ يَقُولُ لَكَ؟ وَمَنْ اَنْتَ حَتَّى تَقُولَ لِيَ اتَّقِ الله؟ وَمَاذَا رَاَيْتَ مِنْ سُوءِ اَعْمَالِي مَا جَعَلَكَ تَقُولُ لِيَ اتَّقِ الله؟ هَلْ اَنَا قَاطِعُ طَرِيقٍ بِنَظَرِك؟ هَلْ اَنَا قَاطِعُ السَّبْعَةِ وَذِمَّتِهَا مِنَ الْمُوبِقَات بِنَظَرِك؟ وَاَقُولُ لِهَذَا وَاَمْثَالِهِ؟ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ قَاطِعَ طَرِيقٍ مَشْهُورٍ فِي السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ حِينَمَا قَالَ لَهُ رَبُّهُ{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله( وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ خِطَابَ النَّاسِ بِقَوْلِنَا لَهُمُ اتَّقُوا اللهَ يَنْبَغِي اَنْ يَكُونَ بِهُدُوءٍ وَرَوِيَّةٍ؟ وَاَنْ يَتَطَوَّرَ خِطَابُنَا لَهُمْ حَسْبَمَا تَسْتَدْعِيهِ وَتَقْتَضِيهِ الْاَحْوَالُ وَالظُّرُوفُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ اَحْسَن؟ لِاَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِي اَيَّامِنَا وَالْعَيَاذُ بِالله يَشْتُمُ اللهَ اِذَا قَالَ لَهُ اَحَدٌ مِنَ النَّاسِ اتَّقِ الله؟ وَقَدْ اَخْبَرَنِي اَحَدُهُمْ وَاَقْسَمَ لِي اَنَّهُ سَمِعَ شَتِيمَةَ اللهِ بِاُذُنَيْهِ اللَّتَيْنِ سَيَاْكُلُهُمَا الدُّودُ فِي الْقَبْرِ رَدّاً عَلَى اِنْسَانٍ قَالَ لَهُ اتَّقِ الله؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ هَذَا الْاِنْسَانُ صَلِّ عَلَى النَّبِي؟ فَلَمْ يَكْتَفِ بِشَتِيمَةِ اللهِ؟ بَلْ شَتَمَ النَّبِيَّ اَيْضاً قَائِلاً لَهُ هِيكُ وْهِيكْ بِالنَّبِي وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى؟ نَعَمْ هُنَاكَ مَنْ يَشْتُمُ اللهَ وَهُمْ يَعِيشُونَ فِي اَرْضِهِ وَعَلَى مَوَائِدِ خَيْرِهِ وَفَضْلِه؟ اَلَيْسَ هَؤُلَاءِ اَيُّهَا الْاِخْوَة يَسْتَحِقّونَ اَنْ يَجْعَلَ اللهُ الْاَرْضَ جَحِيماً مِنْ تَحْتِ اَقْدَامِهِمْ؟ اِلَّا اَنْ يَتُوبُوا اِلَى اللهِ بِاِسْلَامٍ جَدِيدٍ وَتَوْبَةٍ نَصُوحٍ صَادِقَةٍ نَادِمَة؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ النَّاسَ لَيْسُوا عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قَبُولِ اَوْ رَفْضِ تَقْوَى اللهِ مِنْ اِنْسَانٍ يَنْصَحُهُمْ بِهَا؟ فَاِذَا كَانَ رَجُلاً صَالِحاً وَقُلْنَا لَهُ اتَّقِ اللهَ؟ فَاِنَّهُ يَخْضَعُ لَهَا رَاضِياً مَرْضِيّاً بِهَا حَتَّى وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُهَا لَهُ مِنْ اَشْقَى الْاَشْقِيَاء؟ لِاَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ يُدْرِكُ جَيِّداً اَنَّ اَشْقَى الْاَشْقِيَاءِ يَقُولُهَا لَهُ مِنْ اَجْلِ مَصْلَحَتِهِمَا مَعاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اَشْقَى الْاَشْقِيَاءِ لَايَكُونُ اَشْقَى الْاَشْقِيَاءِ فِعْلاً وَلَايَزْدَادُ شَقَاءً عَلَى شَقَاءٍ عِنْدَ اللهِ اِلَّا مِنْ وَجْهَيْن؟ اَلْوَجْهُ الْاَوَّل اَنَّهُ هُوَ شَخْصِيّاً لَايَتَّقِي الله؟ وَالْوَجْهُ الثَّانِي اَنَّهُ لَايَاْمُرُ غَيْرَهُ اَيْضاً بِتَقْوَى اللهِ بِقَوْلِهِ لَهُ اتَّقِ الله؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اَشْقَى الْاَشْقِيَاءِ قَدْ يَنْجُو فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوء(بِقَوْلِهِمْ لِلْمُسِيئِينَ مِنْ قَوْمِهِمُ اتَّقُوا الله؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ يَنْجُو؟ اِلَّا اِذَا قَالَهَا اسْتِهْزَاءً؟ فَاِنَّهُ يُصْبِحُ كَافِراً مُجْرِماً عِنْدَ اللهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْتَحِقُّ اَشَدَّ الْعِقَابِ الْاَبَدِيِّ؟ اِلَّا اِذَا تَابَ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَاِنَّهُ يَنْجُو لِمَاذَا؟ لِاَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ اَنَّهُ لَايَرْضَى بِاَفْعَالِهِمْ وَيُنْكِرُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ لَهُمُ اتَّقُوا الله وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؟ وَبِالنَّتِيجَةِ فَاِنَّهُ يُنْكِرُ عَلَى نَفْسِهِ اَيْضاً مَا يَفْعَلُهُ مِنْ اَفْعَالِهِمْ؟ وَهَذَا الْاِنْكَارُ هُوَ بِمَثَابَةِ اسْتِغْفَارٍ مِنْهُ عَلَى اَفْعَالِهِ وَاَفْعَالِهِمْ؟ وَلِذَلِكَ مَنْ اَنْكَرَ عَلَى غَيْرِهِ فَكَاَنَّمَا اَنْكَرَ عَلَى نَفْسِهِ اَيْضاً؟ كَمَا اَنَّ مَنْ لَمَزَ غَيْرَهُ فَكَاَنَّمَا لَمَزَ نَفْسَهُ وَاحْتَقَرَهَا وَعَابَهَا اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَاتَلْمِزُوا اَنْفُسَكُمْ} قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{اَتَاْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ اَنْفُسَكُمْ وَاَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ اَفَلَا تَعْقِلُونَ{يَااَيُّها الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَالَاتَفْعَلُون؟ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ اَنْ تَقُولُوا مَالَاتَفْعَلُون(وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ وَمَنْ قَالَ لَكَ عَنْ هَذَا الَّذِي وَعَظَ غَيْرَهُ وَ نَسِيَ نَفْسَهُ اَنَّهُ اَمِيرٌ وَعَلَى رَاْسِهِ رِيشَة؟ بَلْ هُوَ اَيْضاً اِنْسَانٌ مِثْلُكَ غَيْرُ مَعْصُومٍ مِنَ الْخَطَاِ؟ وَهُوَ بِحَاجَةٍ اِلَيْكَ حَتَّى تُنْكِرَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ يُنْكِرُ عَلَيْك؟ فَاِيَّاكَ اَنْ تَفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ كَمَا يَفْهَمُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ اَنْفُسَكُمْ(بِمَعْنَى تَرْكِ الْاَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَر؟ فَلَايَجُوزُ لِاَيِّ اِنْسَانٍ اَبَداً مَهْمَا كَانَ وَزْنُهُ وَشَاْنُهُ اَنْ يَتْرُكَ الْاَمْرَ بِالْمُعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى طَرِيقَةِ اَهْلِ الْاِسْلَامِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِم؟حَتَّى وَلَوْ كَانَ خَمَّاراً يُدِيرُ كُؤُوسَ الْخَمْرِ عَلَى الْمُقَامِرِين؟ وَقَدْ يَعْذُرُكَ اللهُ اَخِي حِينَمَا تَرْتَكِبُ الْفَاحِشَةَ فِي لَحْظَةِ ضَعْفٍ اِذَا اَنْكَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ مَافَعَلْتَهُ مِنْهَا وَذَلِكَ لَايَكُونُ اِلَّا بِنَدَمِكَ وَ تَوْبَتِكَ وَاسْتِغْفَارِكَ مِنْهَا وَاِصْرَارِكَ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ اِلَيْهَا مَرَّةً اُخْرَى؟ لَكِنَّهُ لَايَعْذُرُكَ اَبَداً اِذَا اقْتَصَرْتَ عَلَى الْاِنْكَارِ عَلَى نَفْسِكَ وَلَمْ تُنْكِرْ عَلَى غَيْرِكَ اَيْضاً ؟حَتَّى وَلَوْ كُنْتَ طَاهِراً شَرِيفاً عَفِيفاً لَمْ تَفْعَلْ أيَّ فَاحِشَة فَاِنَّ اللهَ لَايَعْذُرُكَ اَيْضاً بِعَدَمِ اِنْكَارِكَ عَلَى غَيْرِكَ؟ حَتَّى وَلَوْ حَتْحَتَتْ كَلِمَةُ حَتَّى قُلُوبَ الْعُلَمَاء؟قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاشَاءَ الله؟ يَاسَلَاااام؟ هَلْ سَنَبْقَى هَكَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يُنْكِرُ عَلَى الْآخَرِ؟ وَكُلُّ دِيكٍ عَلَى مَزْبَلَتِهِ صَيَّاحٌ كَمَا يُقَال؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي مَاذَا يَفْعَلُ فَيْصَلُ الْقَاسِم فِي بَرْنَامَجِ الِاتِّجَاهِ الْمُعَاكِس؟ هَلْ هُوَ دِيكٌ بَلَدِيّ عَلَى رَاْسِهِ رِيشَة اَوْ عُرفٌ اَصْفَرُ ذَهَبِي؟ لِمَاذَا لَايَقُومُ بِالْاِصْلَاحِ بَيْنَ الدُّيُوكِ الْمُتَصَارِعَةِ فِي اُسْتُدْيُو نَظِيفٍ جَمِيلِ الرَّائِحَةِ اَنِيقِ الْمَظْهَر؟ هَلْ يَنْتَظِرُ فَيْصَلُ الْقَاسِم اَنْ يَتَرَاشَقَ دُيُوكُ الْمَزَابِل بِصَيْحَاتٍ مِنَ السِّبَابِ وَالشَّتَائِمِ وَالْبَنَدُورَة وَالطَّمَاطِم وَالْكُسْكُس وَالْبَيْضِ وَالْاَحْذِيَةِ حَتَّى يَجْعَلُوا مِنَ الِاسْتُدْيُو مَزْبَلة ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْاِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ؟ هَلْ يَقُولُ بِهَذَا الْكَلَامِ عَاقِل؟ وَلِذَلِكَ اَخِي كَانَ لَابُدَّ لَنَا مِنْ اَنْ نَخْتَلِفَ وَيُنْكِرَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ حَتَّى نَتَّفِقَ وَنَصِلَ اِلَى حَلٍّ يُرْضِي اللهَ وَيُرْضِي عِبَادَ الله؟ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّ اِرْضَاءَ النَّاسِ غَايَةٌ لَاتُدْرَك؟ وَلَكِنَّكَ اَخِي اِذَا اَرْضَيْتَ اللهَ وَلَوْ سَخِطَ النَّاسُ عَلَيْكَ؟ فَاِنَّهُمْ سَيَرْضَوْنَ عَنْكَ وَلَوْ بَعْدَ حِين؟ وَهَذَا مِنْ تَدْبِيرِ اللهِ تَعَالَى لَكَ وَكَيْدِهِ وَمَكْرِه؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ اِذَا قَالَ لَهُ اَحَدٌ مَا اِتَّقِ اللهَ؟ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَى التُّرَابِ؟ تَوَاضُعاً لِلهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ كَانَ قَادِماً مَعَ حَاشِيَتِهِ؟ فَجَاءَتِ امْرَاَةٌ وَقَالَتْ لَهُ اتَّقِ اللهَ يَاعُمَر؟ فَقَالُوا لَهَا كَيْفَ تَقُولِينَ لِاَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ اتَّقِ الله؟ فَقَالَ عُمَرُ يَاهَؤُلَاءِ دَعُوهَا؟ فَاِنَّ اللهَ قَالَ لِاَفْضَلِ خَلْقِهِ{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ الله( لَكِنْ هَلِ اسْتَمَرَّ الْاَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي عَهْدِ بَعْضِ خُلَفَاءِ بَنِي اُمَيَّة؟ فَلْنَسْتَمِعْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اِلَى خَلِيفَةٍ مِنْ خُلَفَائِهِمْ وَهُوَ يَخُطُبُ بِالنَّاسِ قَائِلاً؟ اَمَّا بَعْدُ؟ فَاِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ الْخُلَفَاءِ اِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ؟ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَى الْاَرْض؟ وَاَمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ مَنْ قَالَ لَنَا اتَّقِ اللهَ؟ قَطَعْنَا عُنُقَه؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ؟ وَبَيْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ وَاَيْنَ الثَّرَى وَهُوَ هَؤُلَاءِ؟ مِنَ الثَّرَيَّا وَهِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ مَاذَا يُزْعِجُكُمْ مِنْ كَلِمَةِ اتَّقُوا اللهَ يَاحُثَالَةَ جَهَنَّمَ الْاَوْغَاد؟ يَامَنْ تَشْتُمُونَ اللهَ وَرَسُولَه؟ وَمَاذَا فِيهَا مِنْ اِهَانَةٍ وَاحْتِقَارٍ لَكُمْ يَامَنْ لَاتَتَوَرَّعُونَ عَنْ اِهَانَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ بِسِبَابِكُم وَشَتَائِمِكُمْ؟ هَلْ هِيَ جَرِيمَةٌ اَنْ يَقُولَ لَكُمْ اِنْسَانٌ مَا اِتَّقُوا الله؟ هَلْ هِيَ جَرِيمَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَلَّذِينَ اُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ اِلَّا اَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله} بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه؟ هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجّ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ حِينَمَا تَكُونُ عَاجِزاً عَنِ الْحَجِّ جِسْمِيّاً اَوْ بَدَنِيّاً اَوْ صِحِّيّاً؟ فَاِنَّهُ يَجُوزُ لَكَ اَنْ تُنِيبَ عَنْكَ اِنْسَاناً آخَرَ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونَ هَذَا الْاِنْسَانُ الْآخَرُ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ اَوّلاً قَبْلَ اَنْ يَحُجَّ عَنْكَ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلْنَفْرِضْ اَنَّ الْحَجَّ يُكَلّفُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَثَلاً 100 اَلْف لَيْرَة سُورِيَّة؟ فَقَالَ لَكَ الْوَلَدُ الَّذِي تُرِيدُ اَنْ تَحُجَّ عَنْ اَبِيهِ مَثَلاً اَنَا اُعْطِيكَ 20 او 30 او 40 اَلْف لَيْرَة سُورِيَّة زِيَادَة عَلَى 100 اَلْف لَيْرَة لُزُومَ مَصَارِيفِ الْحَجِّ وَرُسُومِهِ كَاُجْرَةٍ لَكَ عَلَى اسْتِئْجَارِي لَكَ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ عَنْ وَالِدِي؟ فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ اَوْ غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعاً؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِك؟ لَابُدَّ اَوّلاً اَنْ نُبَيِّنَ آرَاءَ الْفُقَهَاءِ فِي الِاسْتِئْجَارِ مِنْ اَجْلِ الْقِيَامِ بِشَعَائِرِ الْاِسْلَام؟ وَقَدِ اتَّصَلَ بِي مَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ عَلَى الْهَاتِفِ اَحَدُ الْاِخْوَة؟ وَكَانَ مُضْطَّرِباً فِي صَوْتِهِ وَمُنْزَعِجاً غَيْرَ مُرْتَاح؟ فَسَاَلْتُهُ مَابَالُكَ؟ فَقَالَ لَقَدْ اَخْبَرَنِي اَحَدُهُمْ اَنَّ شَيْخَ الْجَامِعِ الَّذِي اَسْتَمِعُ اِلَى دُرُوسِ عِلْمِهِ يَاْخُذُ اُجْرَةً عَلَى هَذِهِ الدُّرُوس؟ فَقُلْتُ لَهُ اَعْطِنِي رَقَمَ الْهَاتِفِ الْخَاصِّ بِهَذَا الشَّيْخِ اُرِيدُ اَنْ اَتَحَاوَرَ مَعَهُ؟ فَاتَّصَلْتُ مَعَ هَذَا الشَّيْخِ؟ فَقَالَ لِي يَااُخْت غُصُون؟ سَاَقُولُ لَكِ الْحَقِيقَة؟ دُرُوسُ عِلْمِي بِالْمَجَّان؟ وَاَتَبَرَّعُ بِهَا لِوَجْهِ الله؟ وَالْحَمْدُ لِلهِ لَا آخُذُ اُجْرَةً عَلَى أيِّ دَرْسٍ مِنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ مُنْذُ اَنْ تَمَّ تَعْيِينِي فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مِنْ مُدِيرِيَّةِ الْاَوْقَاف؟ وَلَكِنْ سَاَكُونُ صَادِقاً مَعَكِ فِي اَنِّي فِعْلاً آخُذُ اُجْرَةً عَلَى وَظِيفَتِي كَاِمَامِ مَسْجِدٍ وَخَطِيبِ جُمُعَةٍ فَقَطْ لَاغَيْر؟ فَقُلْتُ لَهُ وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ شَرْعاً؟ فَقَالَ لِي اَنْتِ عَلَّامٌ وَعَلَيْكِ اَنْ تُرَاجِعِي كُتُبَ الْفِقْهِ الَّتِي تَخُصُّ اَهْلَ السُّنَّة؟ فَقُلْتُ لَهُ اَسْتَغْفِرُ الله وَبَارَكَ اللهُ فِيكَ وَبِمَا قَسَمَ لَكَ سُبْحَانَهُ مِنْ هَذِهِ الْاُجْرَة؟ فَرَاجَعْتُ كُتُبَ الْفِقْهِ كَمَا اَمَرَنِي وَاَشَارَ عَلَيّ؟ وَفِعْلاً وَجَدْتُّ فِيهَا مَايَلِي؟ كَانَ الْحَنَفِيَّةُ لَايُبِيحُونَ لِمَنْ يَقُومُ بِشَعَائِرِ الْاِسْلَامِ مِنْ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ وَاِمَامَةِ صَلَاةٍ وَاَذَانٍ وَغَيْرِهِ اَنْ يَاْخُذَ اُجْرَةً عَلَى ذَلِك؟ وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّةِ لِمَاذَا؟ قَالُوا؟ لِاَنَّهُ يُؤَذّنُ وَيَخْطُبُ الْجُمُعَةَ وَيُصَلّي اِمَاماً؟ فَكَيْفَ نُعْطِيهِ اَجْراً عَلَى ذَلِك؟ هَلْ اِذَا اَرَادَ اَنْ يُصَلّي؟ نُعْطِيهِ مَالاً مِنْ اَجْلِ اَنْ يُصَلّي؟ وَمَرَّتِ الْاَيَّامُ؟ ثُمَّ تَرَاجَعُوا عَنْ رَاْيِهِمْ؟ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ الْمُتَاَخِّرُونَ اِلَى مَاذَهَبَ اِلَيْهِ الْجُمْهُورُ فِي رَاْيِهِمْ؟ وَهُوَ اَنَّهُ فِي عَصْرِنَا؟ يَجُوزُ اَنْ يُؤْخَذَ الْاَجْرُ عَلَى اَدَاءِ الشَّعَائِر؟ وَنَقُولُ لَهُمْ لِمَاذَا؟ قَالُوا؟ لِاَنَّ الَّذِي سَيَقُومُ بِهَذَا الْاَمْرِ؟ اِذَا اَرَادَ اَنْ يَقُومَ بِهِ حَقَّ الْقِيَامِ؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُ؟ وَلذلك نَقُولُ لِلْاَخِ السَّائِلِ الَّذِي سَاَلَكِ يَا اُخْت غُصُون؟ مَاذَا تُرِيدُ اَخِي السَّائِل يَامَنْ كُنْتَ تَرْتَجِفُ مِنَ الشَّيْخِ الْعَالِمِ الْمُتَفَرِّغِ لِهَذَا الْاَمْرِ وَلَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَتَفَرَّغَ لِغَيْرِهِ مِنْ اَجْلِ كَسْبِ لُقْمَةِ عَيْشِه؟ هَلْ تُرِيدُ مِنْهُ اَخِي اَنْ يَسْتَجْدِيَكَ وَيَسْتَجْدِيَ غَيْرَكَ وَيَتَعَلَّمَ فَنَّ الشَّحَادَةِ وَالتَّسَوَّلِ وَيُعَلّمَهُ لِلنَّاس؟ لَابُدَّ لَكَ مِنَ الْاِنْصَافِ وَصَحْوَةِ الضَّمِيرِ اَخِي فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَة؟ مِنْ اَيْنَ سَيَحْصَلُ هَذَا الْعَالِمُ عَلَى لُقْمَةِ عَيْشِهِ وَعَيْشِ زَوْجَتِهِ وَاَوْلَادِهِ اِذَا لَمْ تُخَصِّصْ لَهُ وَزَارَةُ الْاَوْقَافِ رَاتِباً شَهْرِيّاً رَمْزِيّاً لَايُحْسَدُ عَلَيْهِ مِنَ مِثْلِ هَذِهِ الْوَزَارَةِ الَّتِي تَسْتَجْدِي النَّاسَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُقَدِّمُوا لَهَا التَّبَرُّعَاتِ فِي صُنْدُوقِ الْمَسْجِدِ الْمُخَصَّصِ حَتَّى تُعْطِيَ مِنْهَا رَوَاتِبَ لِمُؤَذّنِ الْجَامِعِ وَاِمَامِهِ وَخَطِيبِهِ وَخَادِمِهِ عَلَى طَرِيقَةِ مِنْ دِهْنُو قَلّيلُو؟ وَلِذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاء؟ يَجُوزُ اَنْ يَاْخُذَ اَجْراً عَلَى اِقَامَةِ الشَّعَائِر؟ وَنَقُولُ لَهُمْ؟ طَيِّب هُوَ يُصَلّي؟ وَيَاْخُذُ عَلَى الصَّلَاةِ اُجْرَة؟ فَهَلْ هَذَا مَعْقُول؟ قَالُوا لَا؟ اِنَّ مَنْ يُصَلّي عَنْ نَفْسِهِ لَايَاْخُذُ اَجْراً؟ وَاِنَّمَا مَنْ يُصَلّي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ اِمَاماً هُوَ الَّذِي يَاْخُذُ اَجْراً؟ وَكَذَلِكَ الَّذِي يُؤَذّنُ؟ فَاِنَّهُ يَاْخُذُ اَجْراً؟ لِاَنَّهُ يُؤَذّنُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ النَّاسِ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ لَا يَاْخُذُ اَجْراً عَنْ صَلَاتِهِ اَوْ اَذَانِهِ عَنْ نَفْسِهِ؟ وَاِنَّمَا يَاْخُذُهُ عَنْ صَلَاتِهِ اَوْ اَذَانِهِ عَنِ النَّاس؟ وَهُوَ يُؤَذّنُ وَيُصَلّي عَنْ نَفْسِهِ اَيْضاً؟ لِاَنَّنَا لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نَاْتِي بِاِنْسَانٍ مِنَ الشَّارِعِ لَايُصَلّي ثُمَّ نَقُولَ لَهُ خُذْ اُجْرَتَكَ عَنِ النَّاسِ لَاعَنْ نَفْسِكَ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُؤَذّنَ فِي النَّاس ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاِمَامَ وَالْمُؤَذّنَ وَخَادِمَ الْجَامِعِ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اَنْ يَاْخُذَ اَجْراً عَلَى الْاِمَامِيَّةِ وَالْاَذَانِ وَخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عَطَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقْتَهُ مِنْ اَجْلِهِ؟ وَنَقُولُ لِلْفُقَهَاءِ الْاَحْنَافِ الْمُتَاَخِّرِينَ وَالْجُمْهُور؟ كَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْاِمَامُ اَنْ يَاْخُذَ اُجْرَةً عَلَى صَلَاتِهِ؟ قَالُوا؟ وَلْنَفْرِضْ اَنَّهُ لَايَسْتَحِقُّ اُجْرَةً عَلَى صَلَاتِهِ اِمَاماً مِنْ اَجْلِ نَفْسِهِ؟ وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ اَجْلِ اِمَامَتِهِ بِغَيْرِه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ لَايَاْخُذُ اُجْرَتَهُ عَلَى اِمَامَتِهِ عَلَى اَعْضَائِهِ وَمَسَاجِدِهِ مِنْ كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَاَصَابِعِ قَدَمَيْهِ وَجَبْهَتِهِ وَاَنْفِهِ؟ وَاِنَّمَا يَاْخُذُهَا عَلَى اِمَامَتِهِ فِي النَّاس؟ وَنَقُولُ لِلْفُقَهَاءِ وَالْجُمْهُور؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي عَدَمِ قَبُولِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ اَنْ يَاْخُذَ اُجْرَةً عَلَى{جِدَارٍ يُرِيدُ اَنْ يَنْقَضَّ فَاَقَامَه؟ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ اَجْرَا؟ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِك(قَالُوا نُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ اَوّلاً بِقَوْلِهِ لِمُوسَى{وَمَافَعَلْتُهُ عَنْ اَمْرِي(ثَانِياً اِنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ بِالْاُجْرَة وَاسْتِنْكَافِهِ عَنْهَا وَرَعاً وَزُهْداً لَايَعْنِي اَنَّهَا حَرَام؟ بَلْ اِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ وَرَعِهِ عَنْ اَكْلِ اَمْوَالِ الْيَتَامَى؟ وَعَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ(وَهُوَ اَفْضَلُ؟ وَلَكِنَّنَا لَسْنَا مُلْزَمِينَ بِهَذَا الْوَرَعِ فِي كُلِّ الْاَحْوَال؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَاْكُلْ بِالْمَعْرُوف{وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ اِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْر؟ وَاِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَاِخْوَانُكُمْ؟ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِح؟ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَاَعْنَتَكُمْ(وَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْوَرَعِ وَعِفَّةِ النَّفْسِ وَاَلْزَمَكُمْ بِهِ فِي كُلِّ الْاَحْوَال؟ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ سُبْحَانَه؟ وَنَقُولُ لِلْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ الْمُتَاَخِّرِينَ وَالْجُمْهُور؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي اُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؟ حِينَمَا عَلَّمَ رَجُلاً شَيْئاً مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَفِقْهِهِ وَاَحْكَامِهِ؟ فَاَهْدَاهُ هَذَا الرَّجُلُ قَوْساً؟ فَسَاَلَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ الْكَرِيم؟ اِنْ اَرَدْتَّ اَنْ تَتَقَلَّدَ قَوْساً مِنَ النَّارِ؟ فَاقْبَلْهُ؟ وَهَذَا الْحَدِيثُ نَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْكُمْ؟ لِاَنَّ فِيهِ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى اَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ يُحَرِّمُ الْاُجْرَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآن؟ قَالُوا نَعَمْ؟ وَلَكِنْ هُنَاكَ اَحَادِيثُ اُخْرَى؟ عَنْ رَجُلٍ لَدَغَتْهُ الْحَيَّةُ؟ فَقَالَ لِمَنْ كَانَ حَاضِراً عِنْدَهُ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ؟ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رُقْيَا؟ فَقَالُوا نَعَمْ عِنْدَنَا سُورَةُ الْفَاتِحَة؟ فَرَقَاهُ وَاحِدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِهَا؟ فَشَفَاهُ اللهُ تَعَالَى؟ فَاَخَذَ الصَّحَابَةُ عَلَى تِلْكَ الرُّقْيَا مِنْهُ اَجْراً مِنْ طَعَامٍ اَهْدَاهُ اللَّدِيغُ اِيَّاهُمْ؟ فَقَالُوا لَا وَاللهِ لاَنَاْكُلُ مِنْهُ حَتَّى نَسْاَلَ رَسُولَ الله؟ فَجَاؤُوا اِلَى رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَقَصُّوا عَلَيْهِ الْخَبَرَ؟ فَقَالَ اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْماً؟ بِمَعْنَى اَطْعِمُونِي مِنْ طَعَامِ هَذِهِ الذَّبِيحَةِ شَيْئاً وَلَوْ بِمِقْدَارِ سَهْم؟ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اَجَازَ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ قَامَ بِالرُّقْيَا؟ اَنْ يَاْخُذَ اُجْرَةً عَلَى الْفَاتِحَة؟ وَالْفَاتِحَةُ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الرُّقْيَا اَيْضاً؟ كَمَا اَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ اسْتِحْبَاباً وَنَفْلاً؟ وَهُمَا مِنْ اَكْبَرِ شَعَائِرِ اللهِ فِي الرُّقْيَا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا مَعْنَاه[مَااُنْزِلَ عَلَيَّ مِثْلُهُمَا فِي الرُّقْيَا مِنْ اَجْلِ الْحِمَايَةِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحَسَدِ وَالْمَرَض] وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نَحْتَجُّ عَلَيْكِ بِحَدِيثِ اللَّدِيغِ يَااُخْت غُصُون؟ وَاَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ وَاَنَا اَيْضاً اَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِحَدِيثِ الْقَوْس الْهَدِيَّة؟ فَمَاذَا تَقُولُونَ فِي تَعَارُضِهِ مَعَ حَدِيثِ اللَّدِيغِ الَّذِي احْتَجَجْتُمْ بِهِ عَلَيّ؟ قَالُوا لَاتَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْن؟ لِاَنَّ الَّذِي حَرَّمَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ اَنْ يَاْخُذَ اُجْرَةً عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآن؟ لَمْ يَكُنْ مُتَفَرِّغاً لِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ رَغْماً عَنْهُ؟ بِمَعْنَى اَنَّ هَذِهِ الْمُهِمَّةَ وَهِيَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ؟ لَمْ تَكُنْ مَصْدَرَ رِزْقِهِ الْوَحِيدِ الَّذِي لِاغِنَى لَهُ عَنْهَا؟ بَلْ كَانَتْ تَسْمَحُ لَهُ الظُّرُوفُ اَنْ يَحْصَلَ عَلَى الرِّزْقِ مِنْ طَرِيقٍ آخَر؟ وَلِذلِكَ حَرَّمَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ تِلْكَ الْاُجْرَةَ مِنْ بَابِ الْوَرَع؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِحَاجَتِهَا؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ حِكْمَةَ الرَّسُولِ اقْتَضَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ اَنْ يُحَرِّمَ اَخْذَ الْاُجْرَة؟ لِاَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَوْ اَبَاحَ الْاُجْرَةَ عَلَى اِطْلَاقِهَا مِنْ دُونِ وَرَعٍ وَلَاتَقْوَى لِلهِ؟ لَاَبَى جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ اَنْ يُقِيمُوا شَعَائِرَ اللهِ وَمِنْهَا الْاَذَانُ وَاِمَامَةُ الصَّلَاةِ وَالْخِطَابَةُ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ؟ اِلَّا بَعْدَ اَنْ يَاْخُذُوا اُجْرَتَهُمْ عَلَى ذَلِك؟ وَفِي هَذَا مَافِيهِ مِنَ الضَّرَرِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟ وَالِاسْتِهْتَارِ الْمُخْزِي لَهُمْ فِي رَفْضِهِمْ اِقَامَةَ شَعَائِرِ اللهِ اِلَّا بِاُجْرَة؟ قَالُوا؟ وَقَدْ تَكُونُ حُجَّتُكِ يَاغُصُون بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ مَنْسُوخَةً بِحُجَّتِنَا مِنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَاللهُ اَعْلَم؟ قَالُوا؟ وَاَمَّا حُجَّتُنَا مِنَ الْحَدِيثِ الثَّانِي؟ فَاِنَّنَا نَقُولُ مَايَلِي؟ حِينَمَا يَضِيقُ الْحَالُ؟ وَتَكُونُ هُنَاكَ حَاجَةٌ اِلَى اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْمُؤَذّنِينَ وَخَادِمِي الْجَوَامِعِ وَمُعَلّمِي الْقُرْآنِ وَاَئِمَّةِ الصَّلَاةِ وَالْخِطَابَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالرَّاقِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ اَصْحَابِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ لَايَجِدُونَ مَايُنْفِقُونَ عَلَى اَنْفُسِهِمْ وَاَزْوَاجِهِمْ وَعِيَالِهِمْ اِلَّا اِذَا تَفَرَّغُوا لِهَذِهِ الْمُهِمَّاتِ مِنْ اِقَامَةِ شَعَائِرِ اللهِ فِيِ الْخِطَابَةِ والامامة وخدمة الجوامع وَالرُّقْيَا وَغَيْرِهَا؟ فَاِنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَغَيَّرُ؟ لِاَنَّ تَغَيُّرَ الْاَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ غَيْرِ الْاُصُولِيَّةِ فِي الدِّينِ؟ مُتَعَلّقٌ بِتَغَيُّرِ الْاَزْمَان؟ وَهِيَ قَاعِدَةٌ شَرْعِيَّةُ مَعْرُوفَة؟ وَلَكِنْ لَهَا طَبْعاً ضَوَابِطُهَا الشَّرْعِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي حُرْمَةِ الِاجْتِهَادِ خَارِجَ مَوَارِدِ النَّصِّ الْقُرْآنِيِّ وَالنَّبَوِيّ؟ وَلِذَلِكَ نَقُول؟ يَجُوزُ بَلْ يَجِبُ فِي اَيَّامِنَا هَذِهِ؟ اَنْ يُعْطَى هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ مَايَكْفِيهِمْ؟ لِيَعِيشُوا عِيشَةً مُرِيحَة؟ حَتَّى يَسْتَطِيعُوا التَّفَرُّغَ لِلتَّعْلِيمِ وَلِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ؟ وَحَتَّى لَايَنْشَغِلُوا عَنْ ذَلِكَ بِالْبَحْثِ عَنْ مَوْرِدِ رِزْقٍ مِنْ اَجْلِ تَاْمِينِ لُقْمَةِ عَيْشٍ لَهُمْ وَلِمَنْ يَعُولُون؟ وَنَقُولُ لِلْفُقَهَاء؟ لَقَدْ كَانَ الْاِمَامُ الْاَعْظَمُ اَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَان؟ يَسْتَطِيعُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْاَمْرَيْن؟ بَيْنَ التَّفَرُّغِ لِلتِّجَارَةِ؟ وَبَيْنَ التَّفَرُّغِ لِتَعْلِيمِ الْفِقْهِ الْحَنَفِيّ؟ قَالُوا؟ بَلْ لَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيع؟ لِاَنَّهُ كَانَ يُنِيبُ بَائِعاً يَعْمَلُ بِالْبَيْعِ عِنْدَهُ بِاَجْرٍ يُعْطِيهِ لَهُ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَقُومَ عَنْهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَتَفَرَّغَ لِتَعْلِيمِ الْفِقْهِ الْحَنَفِيِّ مِنْ فِقْهِ مَدْرَسَةِ اَهْلِ الرَّاْيِ وَ الَّذِي يَحْتَاجُ اِلَى بَاعٍ طَوِيلٍ مِنَ الزَّمَنِ لِمَنْ اَرَادَ اَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ لِتَعَلّمِهِ وَتَعْلِيمِه؟ فَمَابَالُكِ يَاغُصُون اِذَا اَضَفْنَا اِلَيْهِ الْفِقْهَ الْمَالِكِيَّ وَالشَّافِعِيَّ وَالْحَنْبَلِيّ مِنْ فِقْهِ مَدْرَسَةِ اَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنْ فِقْهِ الْمُخَالِفِينَ مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ؟ فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُ اَنْ يُحِيطً بِفِقْهِهِمْ جَمِيعاً مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي؟ وَقَدْ لَايُعْطِي مِنْ وَقْتِهِ شَيْئاً لِلهِ اَبَداً مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي؟ بَلْ لَيْسَ لَدَيْهِ الْوَقْتُ الْكَافِي مِنْ اَجْلِ تَعَلُّمِ فِقْهِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اَيْضاً مِنْ اَجْلِ تَحْصِيلِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ؟ بِسَبَبِ تَكَالُبِهِ وَسُعَارِهِ الْمَحْمُومِ عَلَى الدُّنْيَا وَحُطَامِ زِينَتِهَا الْفَانِيَة؟ وَعَدَمِ تَفْكِيرِهِ فِي نُورِ الْآخِرَةِ وَزِينَةِ جَنَّتِهَا وَلَذَّةِ نَعِيمِهَا الْبَاقِيَة؟ مِمَّا يُؤَدِّي بِهِ اِلَى حُطَامِ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَة{وَمَااَدْرَاكَ مَاالْحُطَمَة؟ نَارُ اللهِ الْمُوقَدَة؟ اَلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْاَفْئِدَة؟ اِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَة؟ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَة} نَعَمْ اَخِي؟ وَعِنْدَ هَذَا الْحَدِّ يَنْتَهِي النِّقَاشُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالْجُمْهُور؟ وَاَرْجُو اَنْ تَكُونَ اَخِي قَدْ فَهِمْتَ جَيِّداً اَجْوِبَتَهُمُ الْمُقْنِعَة مِنْ اَجْلِ الْبُرْهَانِ عَلَى عَدَمِ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْن؟ هَذَا مِنْ نَاحِيَة؟ وَمِنْ نَاحِيَة اُخْرَى بَلْ مِنْ كُلِّ النَّوَاحِي يَاحَسُّون بِيك اَبُو شْوَيَّا؟ فَاِنَّنَا لَانَجِدُ اِلَّا الْمُقَاوَمَةَ وَالْمُمَانَعَةَ عَلَى اِسْرَائِيل؟ عَفْواً اَخِي اَقْصِدُ عَلَى الشَّعْبِ السُّورِيِّ الضَّعِيفِ الْاَعْزَلِ الْفَقِيرِ الْمِسْكِينِ الْبَرِيء؟ نَعَمْ مُمَانَعَةٌ وَمُقَاوَمَةٌ لَهُ بِقَتْلِهِ وَخَرَابِهِ وَدَمَارِ الْبُيُوتِ عَلَى رُؤُوسِ اَصْحَابِهِ؟ عَفْواً اَخِي؟ اَقْصِدُ وَمِنْ نَاحِيَةٍ اُخْرَى؟ فَقَدْ سَاَلَنِي اَحَدُ الْاِخْوَة؟ مَامَعْنَى النَّافِلَة؟ وَمَامَعْنَى التَّطَوُّع؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ اَلنَّافِلَةُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ؟ بِمَعْنَى الزِّيَادَة؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَوَهَبْنَا لَهُ اِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَة؟ وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِين(وَاِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ طَلَبَ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ قَائِلاً{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين؟ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم(مَنْ هُوَ الْغُلَامُ الْحَلِيمُ هُنَا اَخِي؟ طَبْعاً اِنَّهُ اِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَاَمَّا اِذَا قَالَ الْقُرْآنُ{عَلِيم(فَعَلَيْكَ اَنْ تَعْلَمَ اَخِي؟ اَنَّ الْمَقْصُودَ بِعَلِيم هُنَا؟ هُوَ اِسْحَاقُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَام؟ كَانَ يَدْعُو اللهَ اَنْ يَرْزُقَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَوْ وَلَداً وَاحِداً؟ فَلَبَّى اللهُ تَعَالَى طَلَبَهُ؟ وَرَزَقَهُ اِسْمَاعِيلَ مِنْ هَاجَرَ عَلَيْهِمَا السَّلَام؟ ثُمَّ زَادَهُ اللهُ{اِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَة( وَكَلِمَةُ نَافِلَة هُنَا بِمَعْنَى الزِّيَادَةَ عَلَى طَلَبِهِ؟ وَهَذِهِ هِي عَادَةُ الْكَرِيمِ سُبْحَانَهُ؟ حِينَمَا تَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئاً اَخِي؟ اَنْ يَزِيدَكَ اللهُ عَلَيْهِ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِذْ تَاَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ؟ لَاَزِيدَنَّكُمْ؟ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ؟ اِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد{وَلَايَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ اِلَّا مَقْتَا؟ وَلَايَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ اِلَّا خَسَارَا(وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ طَلَبَ وَلَداً صَالِحاً مِنَ الصَّالِحِينَ؟ فَرَزَقَهُ اللهُ مِنْ هَاجَرَ اِسْمَاعِيلَ؟ ثُمَّ زَادَهُ وَلَداً آخَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ اِسْحَاقُ مِنْ زَوْجَتِهِ سَارّة بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِهَا؟ ثُمَّ زَادَهُ عَلَيْهِ اَيْضاً سُبْحَانَهُ وَرَزَقَهُ الْحَفِيدَ اَيْضاً وَهُوَ يَعْقُوبُ ابْنُ اِسْحَاقَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَمِيعاً{وَوَهَبْنَا لَهُ اِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَة(وَقَدْ تَاْتِي كَلِمَةُ نَافِلَة بِمَعْنَى مُتَتَابِعِينَ فِي حَيَاتِهِ بِفَاصِلِ فَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ طَوِيلَة؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَالنَّافِلَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ الزِّيَادَة؟ وَاَمَّا فِي الْاُمُورِ وَالِاصْطِلَاحَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الْاِسْلَامِيَّةِ؟ فَهِيَ بِمَعْنَى مَاطَلَبَ اللهُ تَعَالَى مِنْكَ فِعْلَهُ اَخِي بِغَيْرِ طَرِيقٍ جَازِم؟ بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ قَدْ طَلَبَ مِنْكَ اَنْ تَفْعَلَ هَذَا الْفِعْلَ مِنَ النَّافِلَةِ اَوِ التَّطَوُّعِ؟ وَلَيْسَ طَلَبُهُ سُبْحَانَهُ جَازِماً؟ اِذْ لَوْ كَانَ طَلَبُهُ فِي النَّافِلَةِ جَازِماً؟ لَكَانَ وَاجِباً؟ وَلَايُمْكِنُ تَسْمِيَتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَافِلَةً؟ فَاَنْتَ اَخِي هُنَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ اَنْ تَفْعَلَ اَوْ لَاتَفْعَل؟ لَكِنْ اِذَا فَعَلْتَ كَانَ لَكَ الثَّوَابُ وَالْاَجْرُ الْكَرِيمُ عِنْدَ الله؟ وَاِذَا لَمْ تَفْعَلْ فَلَا ثَوَابَ لَكَ وَلَاعِقَابَ عَلَيْك؟ وَلَكِنَّكَ قَدْ تَخْسَرُ مَا قَدْ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنَ النَّافِلَةِ اِذَا كَانَ هُنَاكَ تَقْصِيرٌ فِي الْفَرِيضَةِ فِي خُشُوعِكَ بِهَا مَثَلاً اَوْ اِخْلَاصِكَ فِيهَا لِوَجْهِ اللهِ حَتَّى تُصْبِحَ فَرِيضَتُكَ عَمَلاً صَالِحاً مُتَقَبّلاً خَالِصاً لِوَجْهِ الله؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى النَّافِلَة؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ يَقُولُ سَائِلُهُ؟ اِذَا كَانَتِ النَّافِلَةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ شَرْعاً؟ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيَّ اِتْمَامُ هَذِهِ النَّافِلَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ مَنْ بَدَاَ بِالنَّافِلَةِ؟ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ اِتْمَامُهَا؟ فَمَثَلاً اِذَا بَدَاْتَ بِصَوْمِ يَوْمٍ مِنَ النَّفْلِ غَيْرِ الْوَاجِبِ كَسِتَّةِ اَيَّامٍ مِنْ شَوَّالَ مَثَلاً؟ ثُمَّ اَبْطَلْتَهُ بِاِفْطَارِكَ عِنْدَ اَذَانِ الظُّهْرِ اَوِ الْعَصْرِ؟ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ؟ يَجِبُ عَلَيْكَ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْم؟ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتُبْطِلُوا اَعْمَالَكُمْ(سَوَاءٌ كَانَتْ نَفْلاً اَوْ فَرِيضَة؟ وَاَمَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ؟ فَاَنْتَ اَخِي مُخَيَّرٌ عِنْدَهُمْ بَيْنَ اَنْ تَقْضِيَ اَوْ لَاتَقْضِي؟ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام [اَلْمُتَطَوِّعُ اَمِيرُ نَفْسِهِ؟ اِنْ شَاءَ صَامَ؟ وَاِنْ شَاءَ اَفْطَر(وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّة؟ مَارَاْيُكُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يُخَالِفُ مَا ذَهَبْتُمْ اِلَيْه؟ قَالُوا هُوَ بِمَعْنَى اَنَّ الْمُتَطَوِّعَ اَمِيرُ نَفْسِهِ قَبْلَ اَنْ يُبَاشِرَ اَوْ يَبْدَاَ بِالصَّوْم؟ وَلَيْسَ بَعْدَ اَنْ يُبَاشِرَ كَمَا ذَهَبَ اِلَيْهِ اِخْوَانُنَا مِنْ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِب؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَجّ؟ فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ جَمِيعاً؟ عَلَى اَنَّ مَنْ بَدَاَ بِشَعَائِرِ الْحَجِّ وَلَوْ كَانَتْ نَافِلَة؟ وَجَبَ عَلَيْهِ اِتْمَامُهَا؟ وَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يَتَرَاجَعَ عَنْهَا؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ قَبْلَ اَنْ يُبَاشِرَ بِهَا؟ فَهُوَ حُرٌّ اِذَا تَرَاجَعَ عَنْهَا وَلَااِثْمَ عَلَيْه؟ لَكِنَّهُ بَعْدَ اَنْ بَاشَرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَفَعَلَهُ؟ فَقَدْ اَلْزَمَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ وَعَلَيْهِ اَنْ يُتِمَّ مَااَلْزَمَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ هَذِهِ النَّافِلَةِ؟ سَوَاءٌ كَانَتْ عُمْرَةَ النَّافِلَةِ اَوْ حَجَّ النَّافِلَة؟ فَمَثَلاً لَوْ اَنَّكَ اَخِي حَجَجْتَ حَجَّةَ الْاِسْلَامِ وَهِيَ حَجَّةُ الْفَرِيضَة؟ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ مَاحَجَّ حَجَّةَ الْاِسْلَامِ اِلَّا مَرَّةً وَاحِدَة؟ بِسَبَبِ ضِيقِ الْوَقْتِ؟ لِاَنَّ الْحَجَّ فَرَضَهُ اللهُ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَة؟ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ مَشْغُولاً؟ وَكَانَتِ الظُّرُوفُ تَقْتَضِي اَلَّا يَذْهَبَ اِلَى الْحَجّ؟ فَاَمَّرَ عَلَى الْحَجِّ اَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ ثُمَّ اَرْدَفَهُ بِمَعْنَى اَلْحَقَهُ بِسُورَةِ بَرَاءَة مَعَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه؟ وَفِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ؟ حَجَّ رَسُولُ اللهِ حَجَّةَ الْاِسْلَامِ لِاَوَّلِ مَرَّةٍ فِي حَيَاتِهِ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجّ؟ وَكَانَتْ هَذِهِ آخِرُ مَرَّةٍ يَحُجُّ فِيهَا اَيْضاً عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ لِاَنَّهُ تُوِفّيَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ بَعْدَ اَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْاِسْلَامِ الْاُولَى وَالْاَخِيرَة فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّة؟ ثُمَّ جَاءَ شَهْرُ الْمُحَرَّم؟ ثُمَّ صَفَر؟ ثُمَّ رَبِيعٌ الْاَوَّل؟ فَمَاتَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْمُوَافِقِ لِلثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْاَوَّل؟ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ اَيْضاً؟ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي وَصَلَ فِيهِ اِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِراً؟ وَلِذَلِكَ لَمْ تَسْمَحْ لَهُ الْاَقْدَارُ بِسِعَةٍ مِنَ الْوَقْتِ حَتَّى يَحُجَّ نَافِلَة؟ وَلَمْ يَتَسَنَّ لَهُ اَنْ يَحُجَّ اِلَّا حَجَّةَ الْاِسْلَام؟ وَاَمَّا نَحْنُ فَلَامَانِعَ اَخِي اَنْ نَزْدَادَ تَقَرُّباً اِلَى اللهِ تَعَالَى بِنَافِلَةِ الْحَجّ؟ وَلَكِنْ يَنْبَغِي عَلَى الْمُؤْمِنِ دَائِماً اَنْ يُقَدِّمَ الْاَوْلَوِيَّات؟ وَلِذَلِكَ اَخِي لِنَفْرِضْ اَنَّكَ حَجَجْتَ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامِ حَجَّةَ الْاِسْلَامِ وَانْتَهَيْتَ مِنْ اَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجّ؟ ثُمَّ اَرَدْتَّ اَنْ تَحُجَّ مَرَّةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَة اَوْ خَامِسَةً اَوْ اَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؟ وَعِنْدَكَ مُتَطَلَّبَاتٌ هِيَ اَوْلَى مِنْ اَنْ تَحُجَّ الْحَجَّ النَّافِلَة؟ فَاَيُّهُمَا تُقَدِّمُ هُنَا اَخِي؟ طَبْعاً عَلَيْكَ اَنْ تُقَدِّمَ الْمُتَطَلَّبَاتِ الْاَهَمَّ عَلَى حَجِّ النَّافِلَة؟ فَمَثَلاً عِنْدَكَ اِنْسَانٌ مِنْ اَقْرِبَائِكَ مِنْ اُولِي الْاَرْحَامِ خَاصَّةً؟ يَحْتَاجُ اِلَى اَنْ تُعِينَهُ فِي طَعَامٍ اَوْ شَرَابٍ اَوْ لِبَاسٍ اَوْ تَعْلِيم؟ اِلَى اَنْ تُسَاعِدَهُ فِي اِسْعَافٍ دَوَائِيٍّ وَعِلَاجِيٍّ قَدْ يُنْقِذُهُ مِنَ الْمَوْتِ بِاِذْنِ الله؟ اِلَى اَنْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنَهُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ الْاِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ وَلَا مِنْ اَجْلِهِ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْاَفْضَلُ اَنْ تَقْضِيَ عَنْهُ ذَلِكَ الدَّيْنَ بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَدَانَ مِنْ اَجْلِ تَاْمِينِ ضَرُورِيَّاتِهِ الْقُصْوَى الَّتِي لَايَسْتَطِيعُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهَا؟ كَذَلِكَ كَمَا قُلْنَا اِذَا كَانَ بِحَاجَةٍ اِلَى اِجْرَاءِ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ وَلَيْسَ مَعَهُ مَايَكْفِيهِ مِنَ الْمَالِ؟ فَاَيُّهُمَا اَفْضَل؟ طَبْعاً اَنْ تُسَاعِدَهُ بِمَا يَكْفِيه؟ كَذَلِكَ اِذَا كَانَ جَارُكَ جَائِعاً؟ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ بِجَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ(فَهَلْ قَالَ هُنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام مَاآمَنَ بِي اَنِّي نَبِيٌّ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ الله مَنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّ النَّافِلَة؟ فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تُطْعِمَ جَارَكَ الْجَائِع؟ وَهُوَ اَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ اَنْ تَذْهَبَ اِلَى حَجِّ النَّافِلَة؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه؟ لَااَسْتَطِيعُ اَنْ اَتَغَلَّبَ عَلَى رَغْبَتِي فِي الْحَجِّ؟ وَعِنْدِي حَنِينٌ شَدِيدٌ مِنَ الْعَاطِفَةِ الْقَوِيَّةِ الَّتِي تَدْفَعُنِي رَغْماً عَنِّي اِلَى حَجِّ النَّافِلَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ اِلَى تِلْكَ الْمَشَاعِرِ الَّتِي قَدَّسَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلّ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ هَنِيئاً لَكَ بِهَذِهِ الْعَاطِفَةِ الْجَيَّاشَةِ الرَّائِعَة وَالَّتِي تَدْفَعُكَ اِلَى تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللهِ وَحُرُمَاتِه؟ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ عَلَيْكَ هَذِهِ الْعَاطِفَةَ الَّتِي سَيَحْفَظُهَا اللهُ لَكَ مُضَاعَفَةً فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِكَ؟ لِاَنَّهَا تَاْتِي اِلَيْكَ رَغْماً عَنْكَ؟ وَذَلِكَ اسْتِجَابَةً مِنَ اللهِ لِدَعْوَةِ خَلِيلِهِ اِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ {وَاجْعَلْ اَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اِلَيْهِمْ وَكَذلِكَ ثَوَابُهَا سَيَاْتِيكَ رَغْماً عَنْكً؟ كَمَا اَنَّ ثَوَابَ صَدَقَةٍ جَارِيَة وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ عِلْمِكَ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَكَ وَمَا غَرَسْتَهُ وَزَرَعْتَهُ وَلَوْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِكَ فَسِيلَةٌ فَغَرَسْتَهَا فَاَكَلَ مِنْهَا اِنْسَانٌ اَوْ حَيَوَانٌ اَوْ طَيْرٌ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ ثَوَابُهُ يَاْتِيكَ رَغْماً عَنْكَ فِي حَيَاتِكَ وَبَعْدَ مَوْتِكَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِك؟ (لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ اَقُولُ لَكَ اَخِي؟ اَلْوَيْلُ لَكَ عِنْدَ الله وَالْهَلَاكُ وَالثُّبُور وَجَحِيمُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِير؟ اِذَا لَمْ تَضْبِطْ هَذِهِ الْعَاطِفَةَ الْجَيَّاشَةَ بِشَرْعِ الله؟ لِاَنَّ حُرْمَةَ اَخِيكَ الْمُؤْمِنِ مِنْ اَرْحَامِكَ وَجِيرَانِكَ وَغَيْرِهِمْ؟ اَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ حُرْمَةِ الْكَعْبَةِ الَّتِي تَرْغَبُ بِزِيَارَتِهَا بِهَذِهِ الْعَاطِفَةِ الْجَيَّاشَةِ الَّتِي كَانَ اَخُوكَ اَحَقَّ بِهَا مِنْ عَاطِفَتِكَ تِجَاهَ الْكَعْبَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ جَاراً غَيْرَ مُسْلِم؟ نَعَمْ شَرْعُ اللهِ يَاْمُرُكَ اَنْ تَضْبِطَ عَاطِفَتَكَ اَخِي اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ؟ عَلَى مَا هُوَ اَوْلَى مِنَ النَّافِلَة؟ وَفِيمَا هُوَ اَوْلَى مِنْ اَنْ تَحُجَّ اَوْ تَعْتَمِرَ نَافِلَة؟ وَهُوَ بِرُّكَ بِوَالِدَيْكَ وَاِخْوَانِكَ وَجِيرَانِكَ مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِين؟ فَهَلْ تَتَّبِعُ عَاطِفَتَكَ اَخِي؟ اَمْ تَتَّبِعُ شَرْعَ الله وَعَاطِفَةَ الله فِيمَا يُحِبُّهُ الله وَفِيمَا يَكْرَهُهُ الله؟ فَاِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَتَّبِعَ عَاطِفَتَكَ؟ فَاِنَّ عَاطِفَتَكَ مَحْدُودَة؟ وَاِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَتَّبِعَ عَاطِفَةَ الله؟ فَاِنَّهَا الرَّحْمَةُ اللَّامَحْدُودَة وَالَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ سُبْحَانَه؟ وَالَّتِي اَمَرَكَ اَنْ تَتَعَدَّى بِهَا اِلَى جَمِيعِ خَلْقِ اللهِ حَسَبَ اسْتِطَاعَتِك؟ لِاَنَّ اللهَ لَيْسَ بِحَاجَةٍ اِلَى حَجِّ النَّافِلَة؟ وَقَدِ اكْتَفَى مِنْكَ بِحَجَّةِ الْفَرِيضَة؟ وَاَمَّا مَخْلُوقَاتُهُ؟ فَهُمْ بِحَاجَةٍ اِلَى رَحْمَتِكَ بِهِمْ اَخِي؟ بِاِطْعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَكِسَائِهِمْ وَدَوَائِهِمْ وَالْحَضِّ وَالتَّشْجِيعِ لِغَيْرِكَ عَلَى ذَلِكَ كُلّهِ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَحِينَمَا يَخْتَبِرُكَ اللهُ مَثَلاً بِاَوْلَادِكَ؟ اَوْ بِزَوَاجِكَ بِاَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَة؟ بِاثْنَتَيْنِ اَوْ ثَلَاثٍ اَوْ اَرْبَع؟ فَاِنَّكَ قَدْ تُحِبُّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ اَكْثَرَ مِنَ الْاُخْرَى؟ اَوْ اَوْلَادَهَا اَكْثَرَ مِنْ اَوْلَادِ الْاُخْرَى؟ اَوْ وَلَداً مِنْ اَوْلَادِكَ اَكْثَرَ مِنْ وَلَدٍ آخَرَ مِنْ اَوْلَادِهَا هِيَ كَذَلِكَ مُنْفَرِدَة؟ فَاِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَجْنَحَ نَحْوَ عَاطِفَتِكَ مِنْ دُونِ ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ فِي نَفَقَتِكَ عَلَيْهِنَّ وَمِنْ دُونِ اِخْفَاءِ مَيْلِكَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اَمَامَ الْاُخْرَى؟ وَمِنْ دُونِ اِخْفَاءِ مَيْلِكَ اَيْضاً عَنْ كُلِّ وَلَدٍ مِنْ اَوْلَادِكَ اَمَامَ الْآخَرِ ذُكُوراً وَاِنَاثاً؟ فَاِذَا لَمْ تَفْعَلْ هَذِهِ الضَّوَابِطَ بِمِيزَانٍ دَقِيقٍ اَمَرَ اللهُ بِهِ اَنْ يَكُونَ مِيزَاناً حَسَّاساً مُنْضَبِطاً عَلَى الشَّعْرَة؟ فَاِنَّكَ غَالِباً قَدْ لَاتَعْدِلُ بَيْنَ اَزْوَاجِكَ وَلَا اَوْلَادِك؟ فَتَقَعُ بِذَلِكَ فِي مَحْظُورٍ خَطِيرٍ جِدّاً مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي يُؤَدِّي بِكَ اِلَى ظُلُمَاتٍ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَة؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لَكَ اَخِي مِنْ اَنْ تَلْتَزِمَ بِضَوَابِطِ الشَّرْعِ وَاَحْكَامِهِ؟ حَتَّى تَتَغَلَّبَ عَلَى الْعَاطِفَة؟ لِاَنَّ الْاِنْسَانَ الْمُؤْمِنَ لَايَتْرُكُ اَمْرَهُ لِعَوَاطِفِهِ وَهَوَاه؟ اِلَّا مَا يَكُونُ مِنْهَا تَبَعاً لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ ضَوَابِطَ وَاَحْكَامٍ شَرْعِيّة؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لَكَ اَخِي اَنْ تَضْبِطَهَا بِضَابِطِ الشَّرْعِ الْاِسْلَامِيِّ الْحَنِيف؟ وَلِذَلِكَ كَانَتِ النَّافِلَةُ مُسْتَحْسَنَةً مِنْكَ اَخِي لَكِنْ عَلَى شَرْط؟ اَلَّا يَكُونَ هُنَاكَ مَاهُوَ اَوْلَى مِنْهَا؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ النَّافِلَةَ لَاتُقْبَلُ عِنْدَ اللهِ اِلَّا اِذَا اُدِّيَتِ الْفَرِيضَة؟ فَلَوْ اَنَّ اِنْسَاناً مَا صَلَّى فِي الْيَوْمِ اَلْفَ رَكْعَة؟ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ مِمَّا فَرَضَهُ اللهُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلاً؟ فَهَلْ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ اَلْفَ رَكْعَةٍ نَافِلَةٍ صَلَّاهَا؟ طَبْعاً لَايَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَلَاةَ مِلْيُونِ رَكْعَة؟ اِذَا لَمْ يُصَلِّ فَرَائِضَ الصَّلَاة لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ ضَيَّعَ الْفَرِيضَة؟ وَلِاَنَّ الصَّلَاةَ كُلُّهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ اَصْلُهُ الْفَرِيضَة؟ فَاِذَا ضَاعَ الْاَصْلُ وَهُوَ الْفَرْضُ وَلَوْ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ وَاحِدَة؟ فَقَدْ ضَاعَ الْجِنْسُ التَّعَبُّدِيُّ مِنَ الصَّلَاةِ كُلّهِ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضاً صَرْفاً اَوْ نَافِلَةً عَدْلاً؟ وَهَذَا بِاتّفَاقِ الْعُلَمَاء؟ وَ لِذَلِكَ لَاتُقْبَلُ مِنْكَ النَّافِلَةُ عِنْدَ اللهِ بِاِجْمَاعِهِمْ اَخِي؟ بِسَبَبِ غِيَابِ الْفَرْض؟ كَاِنْسَانٍ يَصُومُ اَحَدَ عَشَرَ شَهْراً فِي السَّنَةِ؟ ثُمَّ يَاْتِي اِلَى رَمَضَانَ فَيُفْطِر؟ فَهَلْ تُقْبَلُ مِنْهُ نَافِلَةُ اَحَدَ عَشَرَ شَهْراً صَامَهَا هُنَا اَخِي؟ مَعَاذَ الله؟ بِسَبَبِ غِيَابِ صِيَامِهِ عَمَّا فَرَضَهُ اللهُ مِنْ شَهْرِ وَاحِدٍ فَقَطْ فِي السَّنَةِ وَهُوَ رَمَضَان؟ مِثَالٌ آخَر؟ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُصَلّوا شَيْئاً مِنَ الْفَرَائِضِ وَلَا النَّوَافِلِ فِي حَيَاتِهِمْ اَبَداً اِلَّا صَلَاتَيْ عِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الْاَضْحَى وَهُمَا وَاجِبَتَانِ بِاَقَلَّ مِنَ الْفَرْضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّة؟ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ هُمَا سُنَّتَانِ مُسْتَحَبَّتَان؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاذَا لَوْ كَانَتِ النَّافِلَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاة؟مَاذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ نَافِلَةً مِنَ الصَّلَاة؟ مَاذَا لَوْ كَانَتْ نَافِلَةً مِنَ الزَّكَاة؟ اَوْ نَافِلَةً مِنَ الصَّوْم؟ اَوْ نَافِلَةً مِنَ الْحَجِّ اَوِ الْعُمْرَةِ؟ اَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّوَافِلِ الَّتِي لَاعَلَاقَةَ لَهَا بِالصَّلَاة؟ مَاذَا لَوْ فَعَلَ هَذِهِ النَّوَافِلَ جَمِيعاً اِنْسَانٌ مَا مَثَلاً تَارِكٌ لِلصَّلَاةِ وَلَايُصَلّي؟ لَكِنَّهُ لَايُنْكِرُ الصَّلَاة؟ وَيُرِيدُ اَنْ يَفْعَلَ نَافِلَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاة فَمَاحُكْمُ ذَلِكَ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ اَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ الصَّلَاةِ يُؤَدِّي بِتَارِكِهَا اِلَى الْكُفْرِ سَوَاءٌ اَنْكَرَهَا اَوْ لَمْ يُنْكِرْهَا؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ خَابَ ظَنُّكُمْ وَخَابَتْ فَتْوَاكُمْ؟ فَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ يُنْكِرُهَا وَيَرْفُضُهَا؟ وَبَيْنَ مَنْ يُؤْمِنُ بِفَرْضِيَّتِهَا وَلَكِنْ لَايَفْعَلُهَا كَسَلاً؟ فَاِذَا سَاَلْنَاهُ لِمَاذَا لَاتُصَلّي فَاِنَّهُ يَقُول؟ اَنَا مُقَصِّر وَاَسْاَلُ اللهَ لِي وَلِغَيْرِي الْهِدَايَةَ اِلَى اِقَامَةِ الصَّلَاة؟ وَاَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيق؟ وَاِنْ كَانَ كَلَامُهُ هَذَا لَايَسْتَنِدُ اِلَى الْحَقِيقَة؟ لِاَنَّ الْكَسَلَ لَيْسَ عُذْراً اَبَداً فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَايَقْبَلُهُ اللهُ اَبَداً؟ وَلَايَقْبَلُ سُبْحَانَهُ اِلَّا الْحَيْضَ وَالنّفَاسَ وَلَاقَضَاءَ عَلَيْهِمَا؟ وَالْمَوْتَ وَالْجُنُونَ؟ وَفَاقِدَ وَعْيِهِ حَتَّى يَصْحُوَ وَيَقْضِيهَا؟ وَكُلُّ ذَلِكَ وَفَقَطْ لَاغَيْر يَقْبَلُهُ اللهُ كَعُذْرٍ مَقْبُولٍ فِي تَرْكِ الصَّلَاة؟ وَاَمَّا مَاسِوَى ذَلِكَ فَلَايَقْبَلُهُ اَبَدا؟ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ اَنْ يُصَلّيَ قَائِماً فَلْيُصَلِّ قَاعِداً وَاِلَّا فَمُضْطَّجِعاً وَاِلَّا فَمُحَرِّكاً رَاْسَهُ اَوْ عَيْنَيْهِ اِلَى آخِرِ مَاهُنَالِكَ؟ وَمَعَ ذَلِكَ اَقُول؟يَبْقَى هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا الْاِنْسَانِ الْكَسُولِ الَّذِي لَايُصَلّي كَسَلاً؟ وَبَيْنَ اِنْسَانٍ آخَرَ نَقُولُ لَهُ لِمَاذَا لَاتُصَلّي؟ فَيَقُولُ لَنَا مَاهَذِهِ الصَّلَاة وَمَاهَذِهِ الزَّعْبَرَة؟ وَمَنْ قَالَ لَكُمْ اَنَّ الصَّلَاةَ فَرْض؟ فَهَلْ هَذَا مِثْلُ ذَاك؟ مَعَاذَ الله؟ لِاَنَّ هَذَا رَدَّ الْاَمْرَ عَلَى الْآمِرِ وَهُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ كَمَا فَعَلَ اِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ فِي رَدِّهِ لِاَمْرِ اللهِ بِالسُّجُودِ لِآدَم؟ وَلَا وَالله بَلْ اِنَّهُ شَرٌّ مِنْ اِبْلِيس؟ لِاَنَّ اِبْلِيسَ رَدَّ اَمْرَ اللهِ فِي السُّجُودِ لِمَخْلُوق وَهُوَ آدَم ؟وَاَمَّا هَذَا فَاِنَّهُ رَدَّ اَمْرَ اللهِ فِي السُّجُودِ لِلْخَالِقِ سُبْحَانَه؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ بِالْاِجْمَاع؟ وَمَآلُهُ اِلَى جَحِيمِ جَهَنَّمَ الْاَبَدِيَّةِ فِي الدَّرْكِ الْاَسْفَلِ مِنَ النَّارِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَاُبَيِّ بْنِ خَلَف اِنْ لَمْ يَتُبْ اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً بِاِسْلَامٍ جَدِيد؟ لِاَنَّهُ اَنْكَرَ شَيْئاً مَعْلُوماً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَة؟ وَهُوَ مَا فَرَضَهُ اللهُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ اَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ مَرَّة؟ وَاَمَّا الثَّانِي فَقَدِ اعْتَرَفَ بِفَرْضِيَّةِ الصَّلَاةِ؟ وَاعْتَرَفَ بِاَنَّهُ يَتَكَاسَلُ فِي اَوْ عَنْ اَدَائِهَا مَعَ اعْتِقَادِهِ بِوُجُوبِهَا؟ فَلَوْ اَنَّ هَذَا الْاِنْسَانَ الَّذِي يَعْتَرِفُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَ لَايُصَلّي؟ وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُزَكِّي وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ؟ فَهَلْ يَقْبَلُ اللهُ زَكَاتَهُ عَلَى الرَّاْيِ الثَّانِي الَّذِي لَايَقُولُ بِكُفْرِهِ لِاَنَّهُ يَعْتَرِفُ بِالصَّلَاة؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ تُقْبَلُ زَكَاتُهُ مِنْ حَيْثُ الزَّكَاةِ فَقَطْ فِي فَرِيضَةِ الزَّكَاة؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاذَا لَوْ تَصَدَّقَ صَدَقَةً نَافِلَةً تَطَوُّعاً زِيَادَةً عَلَى الزَّكَاة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي اِنَّ اللهَ يَقْبَلُهَا مِنْهُ اَيْضاً وَلَكِنَّهَا لَاتُعَوِّضُهُ هِيَ وَلَااُخْتُهَا الْفَرِيضَة اَبَداً عَنْ تَرْكِ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنَ الصَّلَاة كَمَا اَنَّ صِيَامَ الدَّهْرِ لَايُعَوِّضُهُ اَيْضاً عَنْ اِفْطَارِ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ رَمَضَانَ اَفْطَرَهُ عَمْداً مِنْ دُونِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَاَنَّمَا خَسِرَ اَهْلَهُ وَمَالَه(وَقَدْ يَخْسَرُ ثَوَابَ اَمْوَالِهِ الَّتِي اَنْفَقَهَا صَدَقَةً اَيْضاً بِسَبَبِ تَرْكِ الصَّلَاة وَلَايَبْقَى لَهُ اِلَّا رَفْعُ الْعَتَبِ عَنْهُ فَقَطْ فِي اَدَاءِ فَرِيضَةِ الزَّكَاة؟لِاَنَّكَ اَخِي قَلَّمَا تَجِدُ آيَة فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَفْصِلُ فِيهَا سُبْحَانَهُ الصَّلَاةَ عَنِ الزَّكَاة وَقَدْ وَصَلَهَا سُبْحَانَهُ فِي اَكْثَرِ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعاً فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ[وَاَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاة(وَلِذَلِكَ كَانَ اَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ دَائِماً لَاُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاة؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاذَا لَوْ رَفَضَ اَنْ يُؤَدِّيَ فَرِيضَةَ الزَّكَاةِ وَلَكِنَّهُ رَضِيَ اَنْ يُؤَدِّيَ نَافِلَةَ الزَّكَاة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَايَقْبَلُهَا اللهُ مِنْهُ؟ لِاَنَّهُ تَرَكَ اَصْلَ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْفَرْضُ؟ وَلِاَنَّهُ بَنَى بِنَافِلَةِ الزَّكَاةِ عَلَى اَصْلٍ وَاَسَاسٍ وَفَرْضٍ مِنَ الزَّكَاةِ اسْتَهْتَرَ بِهِ حَتَّى اَصْبَحَ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي حُسْبَانِه؟ كَمَا فَعَلَ الْمُتَنَفّلُ الَّذِي لَمْ يَقْبَلِ اللهُ مِنْهُ صَلَاةَ اَلْفِ رَكْعَةٍ نَفْلاً وَلَاصِيَامَ اَحَدَ عَشَرَ شَهْراً نَفْلاً؟ لِاَنَّهُ رَفَضَ اَنْ يُؤَدِّيَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ فَرْضاً؟ وَلِاَنَّهُ بَنَى صَلَاةَ اَلْفِ رَكْعَةٍ مِنَ النَّافِلَةِ عَلَى اَصْلٍ فَارِغٍ مِنْ فَرِيضَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَام لَمْ يَقُمْ بِبِنَائِهِ وَاِعْمَارِهِ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهِ لَاحِقاً مَاصَلَّاهُ مِنْ نَافِلَةِ الرَّكَعَاتِ الْاَلْف وَمَاصَامَهُ مِنْ اَحَدَ عَشَرَ شَهْراً نَفْلاً؟ وَلِذَلِكَ اَخِي عَلَيْكَ اَنْ تَتَعَلَّمَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ؟ وَهِيَ اَنَّ النَّافِلَةَ لَاتَكُونُ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللهِ اِذَا كَانَتْ عَلَى حِسَابِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةً اَوْ زَكَاةً اَوْ صَوْماً اَوْ حَجّاً؟ وَاَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي لِتَكُونَ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللهِ؟ فَهُوَ اَلَّا تُؤَدِّيَ النَّافِلَةُ اِلَى الْكَسَلِ بِالْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ؟ كَاَنْ تَقُومَ اللَّيْلَ كُلَّهُ نَافِلَةً اَخِي اَوْ اَكْثَرَ اللَّيْلِ؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَذْهَبَ اِلَى عَمَلِكَ اَوْ اِلَى وَظِيفَتِكَ وَاَنْتَ نَعْسَان؟ فَهَلْ هَذَا يَجُوزُ اَخِي؟ طَبْعاً لَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ قِيَامَكَ بِعَمَلِكَ بِنَشَاطٍ وَبِمَا اُوكِلَ اِلَيْكَ مِنْهُ بِنَشَاطٍ؟ فَهَذَا كُلُّهُ فَرْضٌ؟ وَالنَّافِلَةُ جَعَلَتْكَ لَاتَقْوَى عَلَى الْقِيَامِ بهَذَا الْفَرْضِ؟ وَلِذَلِكَ نَجِدُ فِي الْفِقْهِ الْاِسْلَامِيِّ؟ اَنَّ الْقَاضِي يُكْرَهُ لَهُ اَنْ يَصُومَ النَّافِلَة؟ لِاَنَّهُ قَدْ لَايُعْطِي حُكْمَهُ الْقَضَائِي عَلَى حَقِيقَتِهِ اِذَا كَانَ جَائِعاً نَاعِساً؟ بِسَبَبِ صِيَامِ النَّافِلَة؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لَنَا شَرْعاً مِنْ اَنْ نَمْنَعَ النَّافِلَةَ مِنْ اَنْ تَقْضِيَ عَلَى الْفَرِيضَةِ اَوْ تُعَطّلَهَا اَوْ تُعَرْقِلَهَا؟ حَتَّى لَاتُؤَدِّيَ النَّافِلَةُ بِنَا اِلَى مَفْسَدَةٍ فِي حُكْمٍ قَضَائِيٍّ اَوْ غَيْرِه؟ وَهَذَا شَرْطٌ آخَرُ اَيْضاً مِنْ اَجْلِ قَبُولِ النَّافِلَةِ عِنْدَ الله؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ وَنَحْنُ نَسْمَعُ كَثِيراً مِنْ بَعْضِ النَّاسِ عَنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ فِي الْحَجِّ بِشَكْلٍ عَجِيبٍ وَغَرِيبٍ وَمَا قَدْ يُؤَدِّي اِلَيْهِ مِنْ مَخَاطِرَ وَاَمْرَاضٍ مُعْدِيَة؟ وَنَسْمَعُ كَثِيراً اَيْضاً عَمَّا تَقُومُ بِهِ الْحُكُومَةُ السُّعُودِيَّةُ مِنْ تَوْجِيهِ اسْتِثْنَاءَات؟ وَلَكِنَّهَا مَعَ الْاَسَف تَبْقَى حِبْراً عَلَى وَرَق؟ حَتَّى يُصْبِحَ الْمُسْتَثْنَى اَكْثَرَ مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؟ بِسَبَبِ دُخُولِ الْمُسْتَثْنَى مِنَ الْحُجَّاجِ بِطَرِيقَةٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ الْفَرِيضَةِ اَوِ النَّافِلَة؟ وَلَا اَحَدَ مِنَ الْحُجَّاجِ الْقَادِمِينَ يَلْتَفِتُ اِلَى تَوْجِيهَاتِهَا اَبَداً فِي خُطُورَةِ الْاَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ الَّتِي تَنْتُجُ عَنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَحْصَلُ هَذَا الزِّحَامُ الَّذِي قَدْ يُؤَدِّي اِلَى التَّهْلُكَة؟ وَكَمْ نَسْمَعُ مِنْ حَوَادِثَ تَحْدُثُ بِسَبَبِ هَذَا الزِّحَام؟ وَكَمْ نَسْمَعُ عَنْ قِلَّةِ اهْتِمَامِ الْحُجَّاجِ بِالنَّظَافَة؟ لِاَنَّهُمْ لَايَهْتَمُّونَ بِحُرْمَةِ الْمَكَان؟ حَتَّى اَنَّ الْبَعْضَ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ اَصْحَابِ الْاَعْذَارِ كِبَارِ السِّنِّ يَبُولُونَ وَيَتَغَوَّطُونَ فِي الطَّرِيقِ كَاشِفِينَ لِعَوْرَاتِهِمْ اَمَامَ النَّاس؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاَفْضَلَ لِمَنْ حَجَّ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ مَادَامُ الْاَمْرُ كَذَلِكَ بِهَذِهِ الْخُطُورَة؟ اَلَّا يُتَابِعَ الْحَجَّ نَافِلَةً فِي كُلِّ سَنَة؟ وَالْاَفْضَلُ لَهُ اَنْ يَنْتَظِرَ اَرْبَعَ سَنَوَاتٍ اَوْ خَمْسٍ قَبْلَ مُعَاوَدَةِ حَجِّ النَّافِلَة مِنْ جَدِيد؟ وَاَمَّا مَا نَرَاهُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ كُلَّ سَنَة؟ كُلَّ سَنَة؟ كُلَّ سَنَة؟ حَجّ عُمْرَة؟ حَجّ عمرة؟ حَجّ عمرة؟ عَلَى حِسَابِ سَعَادَةِ اَوْ رَاحَةِ اَوْ خُشُوعِ الْآخَرِينَ؟ اَوْ عَلَى حِسَابِ مَاهُوَ اَوْلَى مِنْ نَافِلَتِهِمْ مِمَّنْ قَدِمُوا اِلَى الْحَجِّ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ فَرِيضَتِهِمْ مِنْ حَجَّةِ اِسْلَامِهِمْ؟ فَلَايَجُوزُ شَرْعاً اَبَداً اَنْ نُعَطّلَ فَرِيضَةَ هَؤُلَاءِ اَوْ نُشَوِّشَ عَلَيْهَا مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ نَافِلَةِ اُولَئِك؟ لِاَنَّ فَرِيضَةَ هَؤُلَاءِ دَائِماً هِيَ اَقْوَى مِنْ نَافِلَةِ اُولَئِكَ؟ وَاَوْلَى بِاَدَائِهَا عَلَى اَحْسَنِ الْوُجُوهِ وَاَتَمِّهَا وَاَكْمَلِهَا حَتَّى تَكُونَ مَقْبُولَة عِنْدَ الله؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ نَافِلَةَ اُولَئِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ مَكْرُوهَة؟ وَلِذَلِكَ اَخِي فَاِنَّ حَجَّ النَّافِلَةِ اَمَرٌ لَابَاْسَ بِهِ عَلَى شَرْط؟ اَلَّا تُقَدِّمَهُ عَلَى اَوْلَوِيَّاتِكَ اَوْ اَوْلَوِيَّاتِ غَيْرِك؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى؟ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ؟ وَكَانَ مِنَ الْعَارِفِينَ بِالله؟ ذَهَبَ مَعَ تَلَامِذَتِهِ اِلَى حَجِّ النَّافِلَة؟ وَكَانُوا يَرْكَبُونَ عَلَى الْجِمَالِ وَالنُّوق؟ فَوَصَلُوا اِلَى مَكَانٍ نَصَبُوا فِيهِ خِيَامَهُمْ لِيَسْتَرِيحُوا؟ وَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ تَلَامِذَتِهِ؟ مَا رَاعَهُمْ وَلَفَتَ نَظَرَهُمْ اِلَّا مَنْظَرُ فَتَاةٍ تَخْرُجُ مِنْ خِبَاءِ خَيْمَة؟ ثُمَّ تَاْتِي اِلَى صُنْدُوقٍ عَلَى شَكْلِ حَاوِيَةِ قِمَامَةٍ وَتُفَتِّشُ فِيهِ؟ فَاَخْرَجَتْ مِنْ هَذِهِ الْحَاوِيَةِ غُرَاباً مَيْتاً؟ فَتَعَجَّبُوا مِنَ الْاَمْرِ؟ فَمَا كَانَ مِنْ اَمْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ اِلَّا اَنْ تَرَصَّدَهَا؟ فَذَهَبَتْ اِلَى الْخَيْمَةِ فَلَحِقَهَا؟ وَطَرَقَ عَلَيْهَا الْبَابَ وَاسْتَاْذَنَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا يَافَتَاة؟ مَاذَا كُنْتِ تَفْعَلِين؟ لِمَاذَا تَاْتِينَ بِهَذَا الطَّيْرِ الْمَيِّت؟ فَقَالَتْ لَهُ اُنْظُرْ اِلَى اُمِّي الْعَجُوزِ الْفَقِيرَة؟ لَااَجِدُ مَااُطْعِمُهَا وَاُطْعِمُ نَفْسِي بِهِ؟ وَلَاطَعَامَ عِنْدَنَا؟ وَلِذَلِكَ وَجَدْتَّنِي وَاَجِدُنِي مُضْطّرَّةً اَنْ اَجْلِبَ الْمَيْتَةَ وَاُطْعِمَهَا مِنْ اَجْلِ دَفْعِ الْمَسْغَبَةِ وَالْمَخْمَصَةِ وَالْجُوعِ عَنِّي وَعَنْهَا؟ فَمَاذَا فَعَلَ عَبْدُ الله؟ اَمَرَ تَلَامِذَتَهُ بِشَدِّ رِحَالِهِمْ؟ وَاَنْ يُعْطُوهَا الزَّادَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبَعْضَ اللّبَاسِ الَّذِي مَعَهُمْ حَتَّى تَبِيعَهُ وَتَنْتَفِعَ بِهِ بِشِرَاءِ لِبَاسٍ لَهَا وَلِوَالِدَتِهَا وَغِذَاءٍ وَدَوَاء؟ وَاَعْطَاهَا كَذَلِكَ مِقْدَاراً مِنَ الْمَالِ؟ ثُمَّ رَجَعُوا قَافِلِينَ عَائِدِينَ اِلَى بِلَادِهِمْ وَلَمْ يَحُجُّوا حَجَّ النَّافِلَة؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْفِقْهِ الْاِسْلَامِيِّ الْعَظِيمِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الصَّفْوَةِ مِنْ خَلْقِ الله؟ نَعَمْ اِنَّهُ فِقْهُ الْاِسْلَامِ الْحَقِيقِيِّ بِكُلِّ مَالِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ مَعْنَى؟ بَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّونَ اَنَّ الْفِقْهَ الْاِسْلَامِيَّ مُقْتَصِرٌ فَقَطْ عَلَى فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِ الْوُضُوءِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْاِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالرُّكْنِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُسْتَحَبِّ اِلَى غَيْرِ ذَلِك؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ لَا؟ عَلَيْكُمْ اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ اَنْ تَفْقَهُوا مَعْنَى الدِّينِ فِقْهاً حَقِيقِيّاً لَافِقْهاً ظَاهِرِيّاً؟ نَعَمْ نَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ النَّافِلَةَ لَهَا ثَوَابٌ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْفِقْهِ الظَّاهِر؟ وَفِي هَذَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ مَافِيهِ لَنَا؟ لَكنْ اذَا تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ مَعَ مَفْسَدَةٍ؟ فَاِنَّنَا مُضْطَّرُّونَ اَنْ نُضَحِّيَ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَة مِنْ حَجِّ النَّافِلَةِ؟ كَمَا فَعَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ اَجْلِ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ وَهِيَ الْخَوْفُ مِنْ مَوْتِ الْفَتَاةِ وَاُمِّهَا ِمنَ الْجُوع؟ وِلِذَلِكَ فَاِنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَقُول؟ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَة؟ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ بِمَعْنَى الْقَضَاءُ عَلَيْهَا؟ وَقَدْ تَاْتِي بِمَعْنَى الْحِمَايَةِ مِنْهَا؟ وَقَدْ تَاْتِي بِمَعْنَى اَخْذِ الِاحْتِيَاطَاتِ مِنْ اَجْلِ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهَا بِمَا يُسَمَّى سَدُّ الذَّرَائِع؟ وَقَدْ اَتَتْ مَعَ عَبْدِ اللهِ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ عَلَى مَفْسَدَةِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ؟ وَهَذَا الْقَضَاءُ عَلَى الْمَفْسَدَةِ هُوَ فَرْضٌ فَرَضَهُ اللهُ عَلَيْهِ قَبْلَ اَنْ يَكُونَ نَافِلَة؟ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَايَجْلِبُهُ حَجُّ النَّافِلَةِ مِنَ الْمَصْلَحَة؟ لِاَنَّ حَجَّ النَّافِلَةِ لَيْسَ فَرْضاً؟ وَاَمَّا الْقَضَاءُ عَلَى الْمَفْسَدَةِ فَهُوَ فَرْضٌ؟ وَالْفَرْضُ اَقْوَى مِنَ النَّافِلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَجّاً اَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْعِبَادَات؟ وَقَدْ اَتَتِ الْمَصْلَحَةُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بِمَعْنَى الثَّوَابِ الَّذِي كَانَ سَيَاْتِيهِ مِنْ حَجِّ النَّافِلَة؟ وَلَكِنَّهُ لَنْ يَاْتِيَهُ اِذَا تَرَكَ الْاَوْلَى وَالْاَقْوَى وَهُوَ الْفَرْضُ فِي دَفْعِ الْمَفْسَدَة؟ بَلْ سَيَاْتِيهِ الْوَيْلُ وَالْهَلَاكُ مِنَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ تَوَعَّدَتْ بِاَلْوَانٍ مُخِيفَةٍ وَمُرْعِبَةٍ جِدّاً مِنَ الْعَذَابِ الْاَلِيمِ لِمَنْ لَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين؟ وَاِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَعْتَقِدَ اَنَّ طَعَامَ الْمِسْكِينِ فِي الْاِسْلَامِ يَقْتَصِرُ عَلَى الطَّعَامِ فَقَطْ لَا؟ بَلْ لَابُدَّ مِنْ اِطْعَامِهِ طَعَاماً وَشَرَاباً اَيْضاً لِانْقَاذِهِ مِنَ الْمَوْتِ جُوعاً وَعَطَشاً؟ لِاَنَّ الطَّعَامَ يَاْتِي بِمَعْنَى الشَّرَابِ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَهْرِ طَالُوت{فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَاِنَّهُ مِنِّي اِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِه(نَعَمْ اَخِي وَقَدْ يَاْتِي الطَّعَامُ بِمَعْنَى اللّبَاسِ الَّذِي تُطْعِمُهُ لِجَسَدِ الْمِسْكِينِ كَاسِياً اِيَّاهُ بِهِ مِنْ اَجْلِ اِنْقَاذِهِ مِنَ الْمَوْتِ مِنْ زَمْهَرِيرِ الْبَرْدِ وَقَسْوَتِهِ وَحَرِّ الشَّمْسِ وَشِدَّتِهَا؟ وَقَدْ يَاْتِي الطَّعَامُ بِمَعْنَى الدَّوَاءِ وَالْاِسْعَافِ مِنْ اَجْلِ اِنْقَاذِ الْمِسْكِينِ مِنَ الْمَوْتِ اَلَماً وَمَرَضاً وَنَزِيفاً لَايَتَوَقَّفُ؟ وَقَدْ يَاْتِي الطَّعَامُ بِمَعْنَى الْاِطْعَامِ الْجِنْسِيِّ لِمَسَاكِينِ الْعِشْقِ وَالْغَرَام زَوْجاً وَزَوْجَةً يَذُوقُ عُسَيْلَتَهَا وَتَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ لِاِنْقَاذِهِمَا مِنَ الْمَوْتِ عِشْقاً وَغَرَاماً وَانْتِحَاراً وَاَمْرَاضاً جِنْسِيَّةً قَاتِلَة؟ فَمَابَالُكَ اَخِي بِمَنْ لَايُطْعِمُهُ مِنْ اَصْلِهِ مِنْ ذَلِكَ كُلّهِ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ الثَّانِيَةَ تَقُول؟ اَلتَّخْلِيَةُ قَبْلَ التَّحْلِيَة؟ بِمَعْنَى اَنَّ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَتَخَلَّى عَمَّا حَرَّمَهُ اللهُ اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْء؟ قَبْلَ اَنْ تَتَحَلَّى بِفَضَائِلِ وَمَكَارِمِ الْاَخْلَاق؟ وَقَدْ اَتَتِ التَّخْلِيَةُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بِمَعْنَى اَنَّهُ تَخَلَّى عَمَّا حَرَّمَهُ اللهُ مِنْ عَدَمِ الْحَضِّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ اَوّلاً؟ ثُمَّ تَحَلَّى بِمَكَارِمِ الْاَخْلَاقِ وَعَلَى رَاْسِهَا الْحَضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين؟ وَلِذَلِكَ اَخِي فَاِنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً؟ لَوْ اَنَّكَ اَخِي اَرَدْتَّ اَنْ تَقْطُفَ تُفّاحَةً مَا عَنْ شَجَرَةٍ مَا؟ فَاِذَا بِوَلَدٍ شَقِيٍّ يُرِيدُ اَنْ يَضْرِبَكَ بِالْحِجَارَةِ؟ فَمَاذَا يَقُولُ الْعَقْلُ وَالْمَنْطِقُ هُنَا اَخِي؟ هَلْ تَقْطُفُ تُفَّاحَتَكَ؟ اَمْ تَمْنَعُهُ مِنْ ضَرْبِكَ بِالْحِجَارَةِ الَّتِي مَعَهُ اَوّلاً؟ بَلْ تَمْنَعُهُ اَوّلاً؟ لِاَنَّ التُّفَّاحَةَ قَدْ تَنْفَعُكَ وَتُرِيحُكَ مِنْ اَلَمِ الْجُوع؟ لَكِنْ مَاذَا تَنْفَعُكَ هَذِهِ التُّفَّاحَةُ لَوْ اَنَّ الْوَلَدَ الشَّقِيَّ ضَرَبَكَ؟ وَقَدْ يُفْقِدُكَ وَعْيَكَ؟ وَقَدْ يَتْرُكُكَ تَنْزِفُ عَلَى الْاَرْضِ؟ وَقَدْ تَنْزِفُ كَثِيراً مِنَ الدِّمَاء؟ وَقَدْ لَا تَجِدُ مَنْ يُسْعِفُكَ اِلَّا بَعْدَ فَتْرَةٍ طَوِيلَة؟ وَقَدْ تَحْتَاجُ اِلَى مَنْ يَتَبَرَّعُ لَكَ بِشَيْءٍ مِنْ دِمَائِهِ حَتَّى يُنْقِذَ حَيَاتَك؟ وَلِذَلِكَ اَخِي فَاِنَّ الْعَقْلَ وَالْمَنْطِقَ يَقْتَضِي مِنَّا وَمِنْكَ اَنْ تَجْعَلَ دَرْءَ مَفْسَدَةِ هَذَا الْوَلَدِ الشَّقِيِّ بِحِمَايَةِ نَفْسِكَ مِنْ حِجَارَتِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَاقَدْ تَجْلِبُهُ لَكَ هَذِهِ التُّفَّاحَةُ مِنْ مَصْلَحَةٍ تُهَدِّىءُ اُوْ تُسْكِتُ زَقْزَقَةَ عَصَافِيرِ بَطْنِكَ مِنَ الْجُوعِ قَلِيلاً؟ وَلِذَلِكَ اَعُودُ وَاَقُولُ مِنْ جَدِيد؟ نَحْنُ لَانُنْكِرُ نَافِلَةَ الْحَجِّ؟ وَلَكِنْ لَاتَكُونُ عَلَى حِسَابِ الْاَوْلَوِيَّاتِ الْمُتَعَلّقَةِ بِكَ اَخِي اَوْ بِغَيْرِك؟ وَلِذَلِكَ كَانَتْ صَدَقَةُ النَّافِلَةِ وَالتَّطَوُّعِ اَفْضَلُ مِنْ حَجِّ النَّافِلَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ حَضٍّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَنَجَاةٍ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورِ الْعَذَابِ الْاَلِيمِ الَّذِي تَوَعَّدَ بِهِ سُبْحَانَهُ مَعَ عَدَمِ اِطْعَامِهِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ هِيَ مَا فَعَلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ الله وَهُوَ جَوَابِي عَلَى سُؤَالٍ لَمْ تُجِبْ عَلَيْهِ اُخْتِي آلَاء فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَة؟ وَاَخِيراً هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُول؟هَلْ فِعْلاً يَاْتِي الثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي نَعَمْ؟ لَكِنَّ هَذِهِ الْمَشَقَّةَ لَايَجُوزُ اَنْ يَتَكَلَّفَهَا الْاِنْسَان؟ اِلَّا اَنْ تَاْتِيَهُ رَغْماً عَنْهُ؟ وَاَمَّا اَنْ تَتَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَالتَّعَبَ وَتَتَصَنَّعَهُمَا؟ فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعاً؟ وَلِهَذَا لَمَّا رَاَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً عَجُوزاً قَدْ اَضْنَاهُ التَّعَبُ وَهُوَ يَسُوقُ اَمَامَهُ نَاقَتَهُ الْقَوِيَّة؟ فَسَاَلَهُ لِمَاذَا لَاتَرْكَبُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ يَارَسُولَ الله نَذَرْتُ اَنْ اَحُجَّ مَاشِياً؟ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ الْاَعْظَمُ اِرْكَبْهَا فَاِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِكَ لِنَفْسِك؟ نَعَمْ اَنْتَ نَذَرْتَ اَنْ تَحُجّ مَاشِي الْحَال وَنَحْنُ نَتَّفِقُ مَعَك؟ لَكِنْ اَنْ تَحُجَّ مَاشِياً فَهُنَا نُخَالِفُكَ؟ لِاَنَّكَ لَسْتَ مَاْمُوراً بِذَلِك؟ وَقَدْ رَاَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اَيْضاً رَجُلاً يَقِفُ فِي حَرِّ الشَّمْسِ؟ فَسَاَلَ النَّاسَ مَنْ هَذَا؟ وَلِمَاذَا يَقِفُ هَذَا الْمَوْقِف؟ فَقَالُوا يَارَسُولَ الله هَذَا اَبُو اِسْرَائِيل؟ نَذَرَ اَنْ يَصُومَ؟ وَاَنْ يَقِفَ فِي الشَّمْسِ؟ وَاَلَّا يَسْتَظِلَّ؟ وَاَلَّا يَقْعُدَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ مُرُوهُ فَلْيَسْتَظِلَّ؟ وَلْيَقْعُدْ؟ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؟ نَعَمْ اَخِي اَقَرَّهُ عَلَى الصَّوْم؟ وَاَلْغَى كُلَّ هَذِهِ النُّذُورِ الَّتِي لَامَعْنَى لَهَا؟ فَنَسْاَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَنْ يُحَصِّنَنَا بِالصَّبْرِ؟ وَاَنْ يَكْشِفَ عَنَّا الْبَلَاءَ؟ وَاَنْ يُفَرِّجَ كَرْبَنَا؟ وَاَنْ يُيَسِّرَ اَمْرَنَا؟ وَاَنْ يُزِيلَ عُسْرَنَا؟ وَاَنْ يَشْرَحَ صُدُورَنَا؟ وَاَنْ يَقْضِيَ دُيُونَنَا؟ وَاَنْ يَكُوَنَ مَعَنَا؟ وَلَايَكُونَ عَلَيْنَا؟وَنَسْاَلُ اللهَ لَنَا وَلَكَ اَخِي حَجّاً مَبْرُوراً؟ وَسَعْياً مَشْكُوراً؟ وَتِجَارَةً لَنْ تَبُور؟ وَصَلَاةً وَسَلَاماً دَائِمَيْنِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ؟ وَحُسْنَ الْخِتَامِ عِنْدَ اللهِ وَمِسْكَهُ وَالرِّضَا وَالْقَبُول؟ وَالْفَوْزَ بِنَعِيمِ الْجِنَانِ وَالْقُبُور؟ آمِينَ يَارَبَّ الْعَالَمِين؟وَسَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ مِنْ اُخْتِكُمْ فِي الله غُصُون؟ وَآخِرُ دَعْوَانَا اَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين [/font]
[font=&quot] [/font]