السيرة النبوية ومقاصدها وخصائصها

Arafat

عضو جديد
17 مايو 2010
40
0
6
aboarafat.com
# ما هي السيرة النبوية؟ #
تعريف السيرة النبوية في اللغة هي السنة والطريقة والحالة التي عليها الإنسان، أما اصطلاحا فهي علم يبحث في حياة الرسول منذ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول في عام الفيل، إلى حين وفاته في ربيع الأول من السنة الحادية عشر للهجرة.

وتتضمن السيرة النبوية نشأة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياته قبل الزواج وبعد الزواج، وقبل النبوة والرسالة وبعد النبوة والرسالة، وأعماله قبل النبوة وبعدها، وتتضمن أيضاً معجزاته، وأخلاقه كنبي وقائد وزوج وأب وجد، سائر حياته، ليلاً ونهاراً، مستيقظاً ونائماً، مقيماً ومسافراً، مريضاً وصحيحاً، سواء كان في مكة المكرمة أو في المدينة التي نورها الله بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها والموت والدفن بها.

# لماذا ندرس السيرة النبوية؟ #
للتعرف على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من جهات شتى:

  • (بشر) يصيبه ما يصيب البشر.
  • (نبي) يتميز ببشريته عن البشر بميزات.
  • (قائد) قاد أمة لم يشهد الزمان مثيلها.
  • (عالم) يستقبل الأسئلة ويجيب عليها.
  • (زوج) في بيته وفي أهله كيف يعامل أزواجه وكيف يعامل أهله؟
  • كذلك التعرف عليه من خلال معاملاته للصغار والكبار والجيران والأرحام والحيوانات.
  • بل والتعرف عليه في معاملاته مع أعدائه، كيف كان يتعامل مع أعدائه؟
  • والتعرف عليه كيف كان حاله مع الأنبياء والمرسلين؟
  • هل أتى بشيء لم يأتى به من سبقه من الرسل؟ أم جاء تابعاً لمن سبق؟
  • وما هي درجته وسط النبيين صلوات الله عليهم أجمعين؟
  • وهل عاب على نبي أم ماذا صنع؟

# مصادر السيرة النبوية #
أما عن مصادر السيرة النبوية التي يمكن من خلالها التعرف على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا التعرف فهي:

  • القرآن الكريم.
  • السنة النبوية الشريفة.
  • أفواه الصحابة الكرام.

أولا: القرآن الكريم
كُتب القرآن الكريم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأتي جبريل عليه السلام وكان يأخذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ويملي ويكتب الكتاب.

لكن ما حدث في عصر الصديق فهو تدوين القرآن الكريم وليس كتابته، فهناك كتابة وهناك تدوين، هناك كتابة وهناك جمع.

ثانيا: كتابة السنة النبوية
السنة النبوية المطهرة كُتبت كذلك في عصره صلى الله عليه وسلم، في أول الأمر نهاهم أن يكتبوا غير القرآن حتى لا يختلط القرآن بغيره.

ثم من بعدها أذن لهم صلى الله عليه وسلم في الكتابة فقال: (اكتُبْ فوالذي نفسي بيدِه ما يخرجُ منه إلا الحقُّ). (صحيح الجامع:1196)

ثالثا: الصحابة الكرام
الصحابة الكرام رضوان الله عليهم عاشوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومن حمل حديثاً بلغه، ما كتم أحد منهم شيئاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بل كان هناك علم كان يغلب على ظن من تعلمه أنه إذا بلغه يحدث فتوراً في نفوس من يسمعه، فكان يسكت لكن عند الوفاة كان يخاف فكان يبلغ.

كما في حديث: (من قال: لا إله إلا اللهُ مخلصًا دخل الجنَّةَ).

فظل يحبسه خشي أن يخبر به الناس فيتكلوا، ولما كان في سياقة الموت أخبر به، ومن ثم الصحابة الكرام ما كتموا شيئاً تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

# تدوين السيرة النبوية #
دونت السيرة النبوية في آخر القرن الأول الهجري، والتدوين جمع، فضم بعضها إلى بعض فدونت في مصنف في كتاب.

والسيرة النبوية بها تدوين مع الاختصار، وتدوين على المذاهب، تدوين السيرة النبوية مع الاختصار يسمى تهذيب السيرة، وتدوينها على المذاهب يسمى تذهيب السيرة، فالتهذيب هو الاختصار، أما التذهيب فهو كتابة الشيء على مذهب من كتبه.

وهناك تدوين مع التطويل، وتدوين بالرواية، وتدوين بالدراية، وتدوين على الهوى، وتدوين على مذاهب العلماء.

# كتابة السيرة النبوية #
كتبت السيرة النبوية على أحجام مختلفة منها المطولات ومنها المختصرات، المطولات هو كتاب متعدد الأجزاء، أما المختصرات فهو جزء واحد.

بعد ذلك كتبت السيرة على مذاهب العلماء:

أهل الرواية أهل الحديث والأثر كتبوها بالرواية.
وأهل الدراية كتبوها نسقاً ولم يعتمدوا الرواية أخذوها كأخبار.
بعد ذلك كتبها الجهاديون بمبدأ الجهاد فقط، ثم كتبها الصوفيون بمبدأ التوسل والتبرك بآثار الصالحين، ثم كتبها الليبراليون وجردوها من المعجزات.

# الرسالة الخاتمة #
أول شئ في السيرة هو النظر في شأن الرسالة الخاتمة أي رسالة سبقت الرسالة الخاتمة؟

رسالة عيسى عليه السلام هي آخر رسالات بني اسرائيل، ورسالة عيسى عليه السلام متممة لرسالة موسى عليه السلام.

لذلك قال عيسى عليه السلام: (ما جئت لأنقض بل جئت لأتمم).

# علاقة الرسالة الخاتمة بالرسالات السابقة #
وعلاقة الرسالة المحمدية بما سبقها من رسالات أنها الرسالة الخاتمة، والرسالة الخاتمة مهيمنة، ودليل الهيمنة أنها مصدقة بما قبلها وزائدة عليها.

لذلك وصف الله القرآن فقال: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ). (سورة المائدة:48)

وقال سبحانه في كتابه: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ). (سورة الأحزاب:40)

لذلك علاقة الرسالة الخاتمة بما قبلها من رسالات أن الأصل واحد، مصدركل الرسالات هو الله رب العالمين، ما من نبي ولا رسول إلا وقد كُلِفَ أن يُبلغ أمته أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره.

ليست هناك رسالة إلا وأمرت بتوحيد الله سبحانه وتعالى، ليست هناك رسالة ولا نبوة إلا كُلِفَ النبي أو الرسول بتبليغ الناس توحيد رب العالمين وأن ينبذوا ما سواه.

# الشرائع السماوية #
الأصل والمصدر واحد إنما الشرائع مختلفة، فعندهم صلوات بكيفيات وعندنا صلوات بكيفيات، وعندهم صيام بكيفيات وعندنا صيام بكيفيات.

عندنا ذنوب وهناك سبل للخروج منها، وعندهم ذنوب ولهم سبل تختلف عن سبلنا، كما في رسالة موسى وعيسى عليهما السلام: أن من وقع في جناب الله بالشرك توبته لا تكون إلا بقتل نفسه.

وفي سورة البقرة الآيات واضحة: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ).

لكن عندنا في شريعتنا الأمر أيسر الأمر أخف، حتى ولو كان الشرك فالخروج منه يكون بتركه والاشتغال في الصالحات والتوبة والعزم على عدم الرجوع.

لذلك ستعرف من خلال السيرة النبوية أن الصحابة الكرام الذين ولدوا في الجاهلية فعلوا الأفاعيل في جاهليتهم، عبدوا الأحجار بل وصنعوا من العجوة أصناما فعبدوها ولما جاعوا أكلوها.

ثم لما خرج فيهم النبي صلى الله عليه وسلم بدعوتهم إلى التوحيد وانصاعوا لم يعاقبهم الله بما مضى، بل عافاهم مما وقعوا فيه ومسح الإسلام قديم صفحاتهم.

لذلك إخوتي الكرام هذه علاقة الرسالة الخاتمة بما قبلها، ومن ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الأنْبياءُ أوْلادُ عَلَّاتٍ؛ أُمَّهاتُهُمْ شَتَّى، و دِينُهُمْ واحِدٌ). (صحيح الجامع:1452)

بنو علات يعني إخوة، والدين: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) به جاء كل الأنبياء، والأمهات هي الرسائل السماوية أي الشرائع: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).

# العالم قبل الرسالة الخاتمة #
اختص الله تعالى الجزيرة العربية فجعلها مهداً للرسالة الخاتمة، في كتب أهل الكتاب أن النبوة الخاتمة لا تكون إلا في العرب، وأين كان العرب وقت ذاك في العالم؟

كانت في العالم قوتان متصارعتان الروم والفرس، الدولة الرومانية البيزنطية وكانت دولة مستغلة مستفذة شأنها هو الشأن الحالي لم يختلف كثيراً وكانت محتلة شمال آسيا وشمال أفريقيا.

وكان هناك الفرس وهم اليوم السوفييت وايران وكان الفرس يومها أقوى من الروم.

وكان هناك الهند وكانت بها عدد كثير ولكنها همجية لم يكن فيها ترتيب، إنما كان فيها جهل كبير وكان المجتمع وقتها مجتمع طبقي.

وكانت اليونان شأنها في القديم شأنها في الحديث لا دين ولا شيء، ما كان بينهم إلا الجدل والسفسطة وهي كثرة الكلام فقط ولا زيادة.

لم يكن هناك أمة فيها هدوء إلا العرب أرض هادئة لم يدخلها ثقافات، ومعلوم أن الأرض التي لم يزرع فيها من قبل تقبل ما يلقى فيها.

# عبادة الأصنام #
والأصنام لم تكن في العرب من بعيد إنما من قريب فقد أتى بها عمر بن لحي وهو رجل عربي كان يسافر في تجاراته ما بين الشمال في الشام والجنوب في اليمن، وهو في الشام رأى أصناما تباع فسأل عنها، فقالوا: هذه نعبدها، فأتى بصنم ومن بعدها انتشرت الأصنام، لكن لم يكن لها في الجزيرة أساس.

وجاءت الأصنام من الديانة المحرفة، اليهودية كانت رسالة لكن حرفها من دانوا بها وبقيت اليهودية عبارة عن طقوس أيام يحتفلون فيها.

ثم انتشرت فيها الوثنية والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ والنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). (صحيح مسلم:530)

ومن ثم لما مات نبيهم صوروه وبعد ذلك رسموها وبدأوا يعبدونها من دون الله، والقرآن قص علينا هذا أن اليهود عبدوا العزير وأن النصارى عبدوا المسيح عليه السلام.

فمن هنا جاءت فكرة الأصنام من أهل الكتاب من خلال اختلاط العرب بهم في تجاراتهم، رأوهم يعبدون الأصنام فجاءوا بالأصنام ثم جعلوها في الجزيرة العربية.

# صفات العرب #
العرب في أصلهم أهل النجدة والشرف والكرم وهم أهل أخلاق، فالهند ليس بها أخلاق وفي الفرس كان فيها نكاح المحارم وفي الرومان الزنا والخنا والفجور على مصراعيه.

حتى دور البغاء لم تكن عريقة في العرب إنما جاءت من الخارج، لكن في أصلهم كانوا يعيبوا الزنا.

ولعلك تعرف هذا من أول لقاء لهند بنت عتبة زوجة أبي سفيان أم معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة النساء، لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء ألا يزنين تكلمت هند وقالت: أو تزني الحرة؟.

لأن العرب أهل نجدة وأهل شرف لم يكونوا أهل بغاء وزنا أبداً وما اشتهر هذا إلا في الايماء، والجزيرة العربية فيها بقايا ديانة فيها بقايا الحنيفية بقايا ملة ابراهيم عليه السلام.

وبقية الحنيفية متمثلة في البيت الحرام في الجزيرة العربية في مكة المكرمة، والبيت الحرام حجه كل الأنبياء، فعيسى عليه السلام حج في مكة وموسى عليه السلام حج في مكة لأن هذا البيت ليس غيره يقصد.

وإياك أن تظن أن المسجد الأقصى نسأل الله له العافية يحج إليه حتى من أهل الكتاب، الحج كله إلى البيت الحرام حجه جميع الأنبياء.

وكذلك من مميزات الجزيرة العربية لعلها وسط الكرة الأرضية كما قال الله في كتابه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا). (سورة الشورى:7)