شرح لامية العرب

Zohoor Alreef

عضو جديد
23 نوفمبر 2018
182
1
0
33
شرح لامية العرب

2822-cached.jpg



الشنفرى

هو عمرو بن مالك الأزدي، من بني الحارث بن ربيعة، شاعر جاهليّ من الشعراء الصعاليك وهو من أفتك الشعراء الصعاليك وأكثرهم عدائية، ويرجع إلى قبيلة الأزد وهي قبيلة من قبائل اليمن القديمة، واسمه يعني في العربية “صاحب الشفاه الغليظة” وهذا ما يضع احتمال رجوعِهِ إلى أصول حبشية، عاش الشنفرى وكبر في بني فهم وتحديدًا عند بني سلامان بحجة أنهم أخواله ولكنه عندما كبر عرف أنهم أخذه أسيرًا وهو صغير بعد مقتل والده، فغادرَ هؤلاء القوم وأقسم أن يقتل مئة منهم، وكان سريعًا حتّى ضُربَ به المثل القائل: “أعدى من الشنفرى”، وقد نُسبتْ إليه لامية العرب وهي من القصائد الشهيرة في الجاهلية والإسلام، وهذا المقال سيتحدث عن نسبة لامية العرب للشنفرى وشرحها.
نسبة لامية العرب إلى الشنفرى

إنَّ لامية العرب قصيدة من قصائد الجاهليّة التي تتعرَّضُ للتشكيك في نسبتها لقائلها الحقيقيِّ، ولكنَّ هذه القصيدة تحديدًا نسبها كثير من الرواة إلى الشنفرى وهو الشاعر المعروف، بينما قال ابن دريد إنَّ لامية العرب لخلف الأحمر، وقد شكك كثير من المستشرقين بهذه القصيدة، وتشكيكهم يرجع إلى عدم ذكر أماكن في القصيدة كما كان يفعل الشعراء الجاهليون في قصائدهم، ولكنَّ الأسلوب الشعري الذي كُتبت به لامية العرب يشي بها ويمكن أن يكون دليلًا قاطعًا على كلِّ الادعاءات الكاذبة في نسبة هذه القصيدة الشعرية لغير الشاعر الشنفرى، ولكنَّ الأسباب الرئيسة وراء التشكيك في نسبة هذا النص للشنفرى هي:

  • السبب الأول: إنَّ ابن دريد الذي نسبها لخلف الأحمر، وهما متقاربان في الفترة الزمنية التي عاشا بها.
  • السبب الثاني: هو أنَّ الأصفهاني لم يذكر لامية العرب أبدًا في كتبه معَ أنَّه حكى عن الشنفرى كثيرًا.
  • السبب الثالث: هي أنَّ اللامية طويلة مقارنة بشعر الصعاليك الذي وردَ عنهم، لذلك كانت غير مألوفة بين أشعار الشعراء الصعاليك 1).
شرح لامية العرب

تعدُّ لامية العرب للشنفرى من أشهر قصائد الشعر العربي، وهي قصيدة طويلة تعود إلى العصر الجاهلي، وإلى شعر الصعاليك تحديدًا، ويقول الشنفرى في مطلعها:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم فإني إلى قوم سواكـم لأميلُ
فقد حُمّتِ الحاجاتُ والليلُ مقمرٌ وشُدّتْ لِطِيّاتٍ مطايا وأرحلُ
وقد وقعت هذه القصيدة تحت الدراسة من قبل كثير من المهتمين والنقاد والدارسين، وفي شرح بعض أبيات هذه القصيدة يكون التالي:
أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
يقلب الشنفرى في مطلع قصيدته الحالة التي كانت عند شعراء الجاهلية ففي مطلع نصِّه يهيِّيء الشنفرى للرحيل عن أهله لا رحيلهم هم عنه، ويشير هنا إلى أنَّه يميل إلى قومٍ غير قومِهِ أحسن جيرةً ومعاشرة، ويتابع فيقول لقد قٌدِّرَ لي الرحيل فلا بدَّ منه ولا رجوع عن هذا القرار، وشُدَّت لطياتٍ: أي الرحيل عن نية سابقة وسبق إصرار، ويقول في البيت الثالث إنَّ هذه الأرض مليئة بالأماكن التي يُحفظ بها الكريم من الذل، فلا بدَّ من المهاجرة إلى مكان يتجنَّبُ به الإنسان الذل، ويؤكد على أنَّ اعتزال الناس أفضل من احتمال أذيتهم.
لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌ على امْرِىءٍ سَرَى رَاغِبَـاً أَوْ رَاهِبَـاً وَهْوَ يَعْقِـلُ
وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون: سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأَلُ
هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
يقسم الشنفرى بالعمر ويؤكّد على معنى البيت الذي سبقه، وهو أنَّ الأرض واسعة ومليئة بكل مكان يقي الإنسان فيه نفسه من الذل والهوان، ثمَّ يعود إلى الحديث عن أهلِهِ، فيقول لهم: إنَّ لي في البراري خيرًا منكم، فالسِّيد: الذئب، العملَّس: القويّ السَّريع، الأرقط: الذي فيه سواد وبياض، زُهلول: خفيف، العرفاء: الضبع الطويلة العُرف، جَيْئَل: من أسماء الضبع، والمعنى أن الشاعر اختار مجتمعًا غير مجتمع أهله، مجتمعًا من الوحوش، وهذا هو اختيار الصعاليك، وذلك أن مجتمع الوحوش لا يُفْشِي الأسرار، ولا يخذل بعضه بعضًا بخلاف مجتمع أهله كما أراد.
وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ
وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيًَا بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ
ثمَّ يتابع الشنفرى الحديث عن هذه الوحوش التي اختارها بدلًا عن أهلِهِ، فهي أكثر بسالة من الناس والأهل، وهو أبسل من الوحوش ومن أهلِهِ أيضًا، ثمَّ يفتخر الشاعر بقناعته وعدم جشعه، فهو وإنْ كان يزاحم في صيد الطرائد، فإنه لا يزاحم على أكلها، وهذا دليل على المروءة والأنفة، وإنَّما هو يلتزم هذه الأخلاق الكريمة طلبًا للفضل والرِّفعة، ثمَّ ينتقل إلى الحديث عن أنَّه فقد أهلًا لا خير فيهم ولا منفعة، لأنهم لا يقدِّرون المعروف، ولا يجزون عليه خيرًا، وليس في قربهم أدنى خير يُتَعلّل.
وجديرٌ بالذكر في هذا المقام إنَّ لامية العرب هذه تتألف من ثمانية وستين بيتًا، وهي تتضمن كثيرًا من المعاني العربية الأصيلة إضافة إلى كونها مرجعًا رئيسًا لكثير من القواعد النحوية العربية، إضافة إلى أنَّها تعد من القصائد التي تصوّر حياة الصعاليك الجاهليين. 2)
شعر الشنفرى

بعد الحديث عن الشنفرى ونسبة قصيدة لامية العرب إليه، والحديث عن شرح القصيدة، لا يدَّ من المرور على بعض أشعار الشنفرى. 3)


  • يقول الشنفرى في إحدى قصائده:
وأَنا امرؤٌ إِن يَأخُذوني عنوةً أقرَنْ إِلى سَنَنِ الرِّكابِ وأُجنَبِ
ويكونُ مركبُكِ القَعودَ وحدجَهُ وابنُ النعامةِ يومَ ذلكَ مَركَبي

  • ويقول أيضًا:
دَعيني وَقولي بَعدُ ما شِئتِ إِنَّني سَيُغدَى بِنَعشي مَرَّةً فَأُغَيَّبُ
خَرَجنا فَلَم نَعَهد وَقَلَّت وَصاتُنا ثَمانِيَة ما بَعَدها مُتَعَتَّبُ
سَراحينُ فِتيانٍ كَأَنَّ وُجوهَهُم مَصابيحُ أَو لَونٌ مِنَ الماءِ مُذهَبُ
نَمُرُّ بِرَهوِ الماءِ صَفحًا وَقَد طَوَت ثَمائِلُنا وَالزادُ ظَنٌّ مُغَيَّبُ
ثَلاثاً عَلى الأَقدامِ حَتّى سَما بِنا عَلى العَوصِ شَعشاعٌ مِنَ القَومِ مِحرَبُ
فَثاروا إِلَينا في السَوادِ فَهَجهَجوا وَصَوَّتَ فينا بِالصَباحِ المُثَوَّبُ
دفَشْنَ عَلَيهِم هَزَّةَ السَيف ثابِتٌ وَصَمَّمَ فيهِم بِالحُسام المُسَيَّبُ
وَظِلتُ بِفِتيانٍ مَعي أَتَّقيهُمُ بِهِنَّ قَلِيلاً ساعَةً ثُمَّ خُيَّبوا
وَقَد خَرَّ مِنهُم رَاجِلانِ وَفارِسٌ كَمِيٌّ صَرَعناهُ وَخومٌ مُسَلَّبُ
يَشُنُّ إِلَيهِ كُلُّ ريعٍ وَقَلعَةٍ ثَمانِيَةً وَالقَومُ رِجلٌ وَمِقنَبُ
فَلَمّا رَآنا قَومُنا قيلَ أَفلِحوا فَقُلنا اِسأَلوا عَن قائِلٍ لا يُكَذَّبُ

  • وقال:
أَرى أَمُّ عَمرو أَجمَعَت فَاِستَقَلَّتِ وَما وَدَّعَت جيرانَها إِذ تَوَلَّتِ
وَقَد سَبَقَتنا أُمُّ عَمرو بِأَمرِها وَكَانَت بِأَعناقِ المَطِيَّ أَظَلَّتِ
بِعَينَيَّ ما أَمسَت فَباتَت فَأَصبحَت فَقَضَّت أُمورًا فَاِستَقَلَّت فَوَلَّتِ
فَوَا كَبِدا عَلى أُمَيمَةَ بَعدَما طَمِعتُ فَهَبها نِعمَةَ العَيشِ زَلَّتِ
فَيا جارَتي وَأَنتِ غَيرُ مُليمَةٍ إِذا ذُكِرتُ وَلا بِذاتِ تَقَلَّتِ
لَقَد أَعجَبَتني لا سَقوطاً قِناعُها إِذا ما مَشَت وَلا بِذاتِ تَلَفُّتِ