قصيدة الربيع لأحمد شوقي

Zohoor Alreef

عضو جديد
23 نوفمبر 2018
182
1
0
33
قصيدة الربيع لأحمد شوقي

2664-cached.jpg


أحمد شوقي
هو أحمد بن علي بن أحمد شوقي، واحد من أشهر الشعراء العرب، اشتهر بلقبِ أمير الشعراء الذي اُطلِقَ عليه في عصره، وُلِدَ في القاهرة عام 1868م وعاش في بيت مالك مصر وحاكمها في تلك الفترة، وتعلّم في المدارس الحكومية، وسافر إلى فرنسا عام 1887م، فدرس الحقوق واختلط بالأدب الفرنسي اختلاطًا كبيرًا، ويعدُّ شوقي أحد أهم روّاد مدرسة البعث والإحياء الذين أعادوا إحياء الشعر العربي الكلاسيكي الأصيل، وتُوفِّيَ أحمد شوقي في القاهرة عام 1932م، وهذا المقال مخصَّصٌ للحديث عن قصيدة الربيع وهي إحدى قصائد شوقي، ومخصصٌ للحديث عن شرحها وتفصيلها.

الأسلوب الشعري عند أحمد شوقي
اشتهر أحمد شوقي بأنَّه أحد أهم روّاد مدرسة البعث والإحياء التي كان من روّادها بشارة خوري ومحمود سامي البارودي وغيرهم من الشعراء الذين أعادوا للشعر العربي بهجته ونصاعته، فكتبوا بألفاظ ترجع إلى عصور الشعر العربي الذهبية، فهي على غرابتها ووعورتها تعبّرُ وتعكس جزالة وعرامة الصنعة في الشعر العربي الأصيل، وقد اشتهر الأسلوب الشعري عند شوقي باتباعه وانتمائه للأدب العربي الأصيل بعصوره الذهبية، ولكنَّ شوقي لم يقفْ عند هذا الحدّ، واستطاع أن يؤسس المسرح الشعري أيضًا وهو أوّل رائد في مجال المسرح الشعري في الأدب العربي، واشتهر شوقي أيضًا شهرة واسعة بقصائده التي كتبها في مدح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ولعلَّ أبرزها قصيدته البردة التي عارض فيها قصيدة البوصيري، فكانَ شوقي خير مثال للشعر العربي بجزالتِهِ وحسن صنعته وعرامته حتّى انتدبه شعراء عصره أمير شعراء العرب في تلك الفترة.

شرح قصيدة الربيع لأحمد شوقي
بعد الحديث عن أحمد شوقي والأسلوب الشعري عند أحمد شوقي، جدير بالذكر أن يتم الحديث عن إحدى قصائد أحمد شوقي، وفيما يلي شرح قصيدة الربيع لأحمد شوقي وإظهار الأفكار الرئيسة في النَّصِّ:
آذار أقبلَ، قمْ بنا يا صاحِ حيِّ الربيعَ حديقةَ الأرواحِ
واجمع ندامى الظرف تحتَ لوائِهِ وانشرْ بساحته بساطَ رياحِ
صفوٌ أُتيحَ فخذْ لنفسكَ قسطَها فالصفو ليس على المدى بمتاحِ
واجلسْ بضاحكةِ الرياضِ مصفِّقًا لتجاوُبِ الأوتارِ والأقداحِ
ربِّـتْ كندمانِ الملوكِ خلالهمْ وتجمَّلُوا بمروءةٍ وسَمَاحِ
يشرح الشاعر أحمد شوقي في قصيدة الربيع هذه، ويصوّر المشاهد والمناظر الخلّابة التي يـأتي بها فصل الربيع كلَّ عام وتحديدًا في شهر آذار من السنة، فشهر آذار هو الشهر الذي يبدأ به الربيع في مصر، ويدعو الشاعر في البيت الأول صاحبَهُ إلى تحية هذا الفصل الأخضر، الذي يسكب الخضرة في قلوب الشجر والزهر والبساتين فتخضرُّ الطبيعة وتزهو بأسمى الألوان وأنصعها وأكثرها بريقًا، ثمَّ يدعو الشاعر صاحبه في البيت الثالث إلى ضرورة اغتنام الفرصة وعيش هذا الجو الخلّاب وهذا الصفو الرائق فالصفو والنقاء والبهجة في هذه الحياة ليست دائمة، ولذلك يجب على الإنسان أن يغتنم لحظاتها كلِّها.

مَلَكَ النَّبَاتُ فَكُلُّ أَرْضٍ دَارُهُ تَلْقَاهُ بِالأَعْرَاسِ وَالأَفْرَاحِ
مَنْشُورَةً أَعْلامُهُ مِنْ أَحْمَرٍ قَانٍ وَأَبْيَضَ فِي الرُّبَى لَمَّاحِ

يوضّح الشاعر وزيد في الشرح ويستطرد في وصف مواطن الجمال في فصل الربيع، فيصف قدرة هذا الفصل على صبغ الأنحاء بلونِهِ وقدرته على أن يملك الأرض وينشر الأفراح والأعراس، ويصف الشاعر قدرة فصل الربيع على إضفاء نصاعة ألوان زهوره الحمراء والبيضاء على التلال والرُّبى.

لَبِسَتْ لِمَقْدَمِهِ الْخَمَائِلُ وَشْيَهَا وَمَرِحْنَ فِي كَتِفٍ لَهُ وَجَنَاحِ
الوَرْدُ فِي سُرَرِ الْغُصُونِ مُفَتَّحٌ مُتَقَابِلٌ يُثْنِي عَلَى الفَتَّاحِ
مَرَّ النَّسِيمُ بِصَفْحَتَيْهِ مُقَبِّلاً مَرَّ الشِّفَاهِ عَلَى خُدُودِ مِلاحِ
هَتَكَ الرَّدَى مِنْ حُسْنِهِ وَبَهَائِهِ بِاللَّيْلِ مَا نَسَجَتْ يَدُ الإِصْبَاحِ
يُنْبِيكَ مَصْرَعُهُ، وَكُلٌّ زِائِلٌ أَنَّ الْحَيَاةَ كَغَدْوَةٍ وَرَوَاحِ

ويزيد الشاعر في وصف هذا الجمال، ويطنب قدر اتساع خياله، وليس هناك أوسع من خيال الشاعر، فيصف حال الحدائق التي عريت من أوراقها في الشتاء، يصفها وهي ترتدي لباسها الأنيق من جديد، ويصوِّرُ تفتُّحَ الوردِ في البيت الثاني، وتقابُلَ الوردِ في الحدائق وتزاحمه، ويستطرد فيذكر هدوء نسائم الربيع مستخدمًا الفعل مرَّ بأحرفِهِ الهادئة، مشبِّهًا مرور النسيم بالشفاه التي تمرُّ على الخدود، مستخدمًا التشبيه التمثيلي بطريقة تظهر براعته وقدرته على الصنعة الأصيلة، فكانت قصيدته مثالًا حيًّا على الشعر العربي الأصيل، الجميل في صنعته، القويِّ في صياغته، وجدير الذكر في هذا المقام أنّه قلَّ ما يوجد في الشعر العربي قصيدة تتحدث عن جمال فصل الربيع وزينته وأناقته وتشرح مظاهره وصوره، وهذا سبق يُحسب لأمير الشعراء أحمد شوقي .