قصة بلعام بن باعوراء

Zohoor Alreef

عضو جديد
23 نوفمبر 2018
182
1
0
33
قصة بلعام بن باعوراء

2696-cached.jpg


النبي موسى عليه السلام
النبي موسى -عليه السلام- هو أحدُ أنبياء بني إسرائيل، وهو نبيٌّ في الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، عاش في أواخر القرن الرابع عشر وبداية القرن الثالث عشر قبل الميلاد، هو موسى بن عمران والدتُه يوشبد من قبيلةِ ليفي العبرانيَّة التي تنتسب إلى النبي يعقوب -عليه السلام-، وردت قصص كثيرة عنه في كثير من سور القرآن الكريم، وهو من أولي العزم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه، وهذا المقال سيتحدَّث عن قصة بلعام بن باعوراء وما فيها من عبر وأحكام.

بلعام بن باعوراء

بلعام بن باعوراء أو بلعم بن باعوراء بن سنور بن ناب بن لوط بن هاران، اتَّفقَ بعض العلماء على أنَّه من ولد نبيِّ الله لوط -عليه السلام- وهو عالمٌ من علماء بني إسرائيل في زمن نبيِّ الله موسى -عليه السلام- وفرعون، ويُقال إنّه كان مُجاب الدعوة وكان يعرفُ اسم الله الأعظم، وقال آخرون: كان بلعام بن باعوراء من الكنعانيين من مدينة الجبَّارين، وقال آخرون إنَّه من مدينة بلقا، وأمَّا قصَّته مع قومه ومع سيدنا موسى -عليه السلام- فسيتمُّ الحديث عنها تاليًا.

قصة بلعام بن باعوراء

كان بلعام بن باعوراء يعرف اسم الله الأعظم وهو مُجاب الدعاء في قومه، وكان من الكنعانيين من مدينة الجبَّارين، وعندما قدِم موسى -عليه السلام- من أجل حرب الجبارين قوم بلعام بن باعوراء نزلَ في أرضِ بنِي كنعَان من أرض الشَّام، عند ذلك اجتمع قوم بلعام بن باعوراء إليه وقالوا له: إنَّ موسى رجلٌ شديد، ومعه جندٌ كثير، وإنَّه جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويحلُّها بني إسرائيل، وأنت رجل مُجاب الدعوة، فاخرُج فادعُ الله أن يردَّهم عنا. فقال لهم: ويلكم! نبيُّ الله ومعه الملائكة والمؤمنون كيف أدعو عليهم وأنا أعلم من الله ما أعلم؟، وإنِّي إن فعلتُ هذا ذهبت دنياي وآخرتي. فأعادوا الكرَّةَ وراجعوه مرارًا وألحوا عليه، فقال لهم: حتَّى أراجعَ ربي. لأنَّه كان لا يدعو حتَّى ينظر ما يؤمرُ في منامه، فقيل له في المنام: لا تدعُ عليهم. فقال لقومه: إنِّي آمرتُ ربي وإنِّي قد نُهيت عن الدعاء عليهم، فأهدوا إليه هديةً فقبلها ثمَّ راجعوه في ذلك، فقال: حتَّى أؤامرَ ربي، فآمرَ فلم يوحَ إليه بشيءٍ، فقال: قد آمرتُ فلم يوحَ إليَّ بشيءٍ. فقالوا: لو كره ربُّكَ أن تدعو عليهم لنهاكَ كما نهاكَ أول مرة. وما زالوا يتوسلون إليه ويُلحُّون عليه حتّى فتَنوه. فركبَ أتانًا له وتوجَّه إلى جبل يطلعه على جند بني إسرائيل.
فلمَّا سارت بهِ قليلًا ربضَت الأتان ورفضت المشي، فنزل وضربها حتى قامت مرةً أخرى ثمَّ مشت قليلًا وربضت ففعلَ مثل ما فعلَ فقامت الأتان فركبها فلم تمشي به إلا قليلًا ثمَّ ربضَت فنزل وضربها فأذن الله لها بالكلام، فكلمته حجَّة عليه، قالت: ويحكَ يا بلعم أين تذهب! ألا ترى الملائكة أمامي تردُّني عن وجهي هذا؟ أتذهبُ بي إلى نبيِّ الله والمؤمنين تدعو عليهم؟، فلم يسمع لها ولم يصغ إلى قولها لحكمة أرادها الله تعالى، فخلَّى الله سبيلها حتى إذا أشرفت على جبل حُسبان، صار يدعو بلعام بن باعوراء، فلا يدعو بدعاء إلا صرف الله به لسانه إلى قومه، ولا يدعو لقومه بخير إلا صرف الله به لسانهُ إلى بني إسرائيل.

فقال له قومه: يا بلعم أتدري ماذا تصنع؟ إنَّما تدعو لهم وتدعو علينا!، فقال: هذا ما لا أملكه هذا شيءٌ قد غلَبَ اللَّهُ علَيهِ فاندَلعَ لسَانهُ فوقعَ على صَدرهِ، فقالَ لهُم: قدْ ذهبَتِ الآنَ منِّي الدنيَا والآخرَةُ، ولم يبقَ غير المكر والحيلة، فسأمكرُ لكم وأحتال جمِّلوا النساء وزيِّنوهنَّ وأعطوهنَّ السلع، ثمَّ أرسلوهنَّ إلى العسكر يبعنها فيه، ومروهنَّ فلا تمنع امرأة نفسَها من رجلٍ أرادَها، فإنَّهم إن زنا منهم رجلٌ واحد كُفِيتموهم. ففعلوا ذلك، فلمَّا دخلت النساء على العسكر مرَّت امرأة من الكنعانيين اسمها كسبي بنتُ صور برجلٍ من عظماء بني إسرائيل اسمه زَمري بن شلوم رأسُ سبط شمعون بن يعقوب، فقامَ إليها وأخذ بيدها حين أعجبته ثمَّ أقبل بها حتى وقف بها عند موسى -عليه السلام-، فقال: يا موسى أظنُّ أنَّك ستقول هذه حرام عليك؟، قال أجل، هي حرامٌ عليك فلا تقربها. فقال زمري: فوالله لا أطيعُك في هذا. فدخل بها خيمتَه ووقعَ عليه، فأرسل الله الطاعونَ على بني إسرَائيل .

مضامين قصة بلعام بن باعوراء

قصة بلعام بن باعوراء من القصص التي تحملُ في طيَّاتها الكثير من العبر والمواعظ التي يوجِّهُ الله تعالى بها عباده المؤمنين ويعِظهم بها، قال تعالى: “إنَّ اللَّهَ نعمَّا يعِظكُمْ بهِ إنَّ اللَّهَ كانَ سمِيعًا بَصيرًا” 3)، ومن العبر من قصة بلعام بن باعوراء أن النصر بيد الله وحده يؤتيه من يشاء فقد رفض دعوة رجلٍ صالح لأنَّ بيده كل شيء، والله تعالى أعلم أينَ يجعل رسالته، وأنَّ الله تعالى يهدي من يشاء ويضلُّ من يشاء لحكمةٍ لا يعلمها إلا هو -جلَّ وعلا-، قال تعالى: “يضِلُّ مَن يشَاءُ وَيَهدِي منْ يشَاءُ” ، وفيها أيضًا تحريم معاداة الأنبياء والمؤمنين وبيَّن الله تعالى من قصة بلعام بن باعوراء أنَّ عقابَ ذلك شديدٌ فقد خسرَ بلعام بن باعوراء بذلك الدنيا والآخرة عندما دعا على موسى -عليه السلام- وعلى بني إسرائيل، ومن التعاليم أيضًا أنَّ الإنسان ليس بيده إلا الدعاء لكنَّ إجابة الدعاء بيد الله تعالى على أن يكون الدعاء فيما يرضي الله تعالى .

مواضع ذكر بلعام بن باعوراء في القرآن

ذكر الله تعالى قصة بلعام بن باعوراء في القرآن الكريم في موضعٍ واحدٍ من سورة الأعراف، وفيه إشارة إلى تلك القصة عندما أراه الله آياتِه فانسلخ منها وردَّها وأنكرها فجعله الله تعالى من الخاسِرين، قال تعالى: “واتْلُ علَيهِمْ نبأَ الَّذي آتينَاهُ آياتِنَا فَانسَلَخَ مِنهَا فأَتبَعَهُ الشَّيطَانُ فكَانَ منَ الغَاوِينَ” ، وقد ذكرَ الكثير من المفسرين أنَّ المقصود في هذه الآية هو بلعام بن باعوراء، والله تعالى أعلم .